من يتابع ويشاهد الفضائيات العالمية بل حتى التلفزيون الليبي يلاحظ التصرفات المباشرة والغير مباشرة للأخ العقيد معمر القذافي ملك ملوك أفريقيا ، بل يستغرب ويتفاجئ من هذه التصرفات لأسباب عديدة من بينها قوله: بأنه لم يكن في يوم من الأيام رئيساً على ليبيا ولو كان كذلك لرمى استقالته في وجوه الشرذمة من المهلوسين المتمردين كما أطلق عليهم ، ولو صدقنا بأنه ليس رئيساً كما قال ، فكيف يقول في مكان آخر ، سنلاحقهم “بيت بيت ، دار دار ، زنقة زنقة ، للقضاء عليهم أي قتلهم” وهذا ما يحدث فعلاً حيث يقتل المئآت من المواطنين المسالمين الأبرياء ، وهذا لا يتم إلا بأمر منه كيف وهو ليس رئيساً!!! أما إذا كان أخاً كما يحب أن يطلق عليه فكيف بأخ يقتل إخوته حتى لو كانوا شرذمة ومتمردين كما يصفهم فليتركهم وشأنهم ، وإذا كان ملك ملوك أفريقيا كما لقب نفسه فكيف لهذا الملك أن يقبل ما تفعله كتائبه بحق الشعب الليبي؟؟ ولماذا لم نسمع بتعليق أو تأييد من دول أفريقيا التي نصب نفسه ملك ملوكها؟؟ وهل تصرفاته تدل على أنه أخ أو ملك ملوك؟؟ لا أظن ذلك ، فهو يدعي أنه ليس رئيساً مع ذلك أبناؤه يعطون الحق لأنفسهم للظهور عبر الفضائيات ويتصرفون وكأنهم ولاة عهود أو أمراء وليسوا أبناء رئيس!! الأغرب من ذلك أن الأخ العقيد عندما قام بانقلابه العسكري مع مجموعة من زملائه والذين تمت تصفيتهم على مر الزمن ، صرح حينها أنه جاء ليخلص الشعب الليبي من الملك العجوز القابض على السلطة منذ زمن بعيد ، فتأمل الشعب الليبي فيه خيراً لكنه خيب أملهم وهم الذين قبلوا بثورته الشعبية كما سماها حينها فلماذا لا يحترم ثورتهم اليوم بعد أن مكث على كرسي الحكم أكثر من أربعين سنة؟؟ وإزدادت تصرفاته غرابة شكلاً ومضموناً على مر الزمن ، فمثلاً هو يدعي البساطة وينتقد الغرب ، وملابسه من أشهر الماركات الغربية!!! وهو معجب بالصين فيؤلف كتاباً ، لم يفهم محتواه غيره ، ويسميه الكتاب الأخضر على غرار الكتاب الأحمر “لـماوتسي تونـغ” الزعيم الصيني وتزداد تصرفاته غرابة يوماً بعد يوم وكثرت عُقـده على مر السنين.
والسؤال الموجه إلى الأخ العقيد ، أو ملك الملوك هو: لماذا لا ترمي باستقالتك في وجوه هؤلاء الشرذمة من المهلوسين كما تصفهم وتتركهم يجربوا غيرك ويقدروا قيمتك التي لا تقدر بثمن على مر التاريخ؟!!؟ فلقد وصلت إلى مرحلة أصبحت فيها رمزاً كما تدعي فلا يليق بمكانتك أن تبقى زعيماً لهؤلاء حتى لو كانوا فئة قليلة؟!!!
أم لأنك أول ملك ملوك عربي ولست رئيساً لذلك يحق لك ما لا يحق لغيرك؟؟! أم أنك متخوف ومتمسك بكرسي الحكم كغيرك من العسكريين ولو كان ذلك على حساب دماء الشعب خوفاً من اكتشاف الحقيقة من ممارسة الفساد والإستبداد كما حدث في تونس ومصر؟!! قبل أيام أعدت قراءة كتاب الأستاذ محمد حسنين هيكل “المقالات اليابانية” وهي مجموعة مقالات كتبها لصحف يابانية ما بين 1992-1997، ثم جمعها في كتاب تحت هذا العنوان عام 1997.
وأهم مالفت نظري في هذا الكتاب المقالين الذين كتبهما الاستاذ هيكل عن معمر القذافي عام 1992 و 1995 الأول تحت عنوان “القذافي وإعلان الجهاد” والثاني “مرة أخرى .. محاولة فهم القذافي”. إن المتابع لأفعال هذا الرجل تجاه شعبه وتصرفاته الشخصية وطموحاته الغريبة واللامعقولة يستطيع القول بعد قراءة هذين المقالين بأن الأستاذ هيكل قد تنبأ بكل هذه التصرفات قبل أكثر من 15 سنة ، وكأن ممارسة الحكم طوال أربعين سنة لم ترضي طموح معمر القذافي ولم تعطيه ما يكفي من المعرفة لفهم مطالب أقرب الناس إليه وهو شعبه ، والواضح أن الأخ العقيد لم يفهم بعد أن شعبه ثار عليه بل هو يعتقد أن الشعب لم يعد يناسبه ولم يعد يأتمر بأوامره ويرضخ لتصرفاته وتصرفات أبنائه …….. لذلك قرر القضاء عليه ، لكن هل يستطيع؟؟ وماذا هو فاعل تجاه الحقائق التي لم تعد سراً على أحد والتي تظهر ثورة شعبه بمختلف فئآته عبر الفضائيات كل يوم وكيف يمكنه تغييرها أو طمسها؟؟ ولو كان على حق كما يدعي فلماذا فشل حتى في إقناع الدول التي هو ملك ملوكها والتي لم تصرح ولو بتعليق لمؤازرته؟؟
إن ما جرى في تونس ومصر ويجري في ليبيا واليمن وسوريا يكاد يكون حالة عامة ، فعلى الأنظمة العربية الإستفادة مما يحدث في هذه الدول والمسارعة بالإصلاح وإصدار التشريعات اللازمة وذلك بفصل السلطات التنفيذية والتشريعية واستقلال القضاء والإعلام ، لأن رياح التغيير آتيـة لا محال عاجلاً أم آجلاً.