قبل أسابيع انطلقت من إسطنبول قناة فضائية باللغة العربية لتضاف إلى عدد من الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية. فما هو القصد من إطلاق فضائيات أجنبية باللغة العربية، مثل فرانس 24، BBC، روسيا اليوم و CNN عبر الإنترنت بالعربية وغيرها؟؟ ولماذا هذه الأعداد وهذا الإهتمام بإطلاقها بتمويل حكومي رسمي من أوروبا و أمريكا؟ هل هذا دليل “على أهمية الشعوب العربية وأهمية موقع أوطانها وماحباها الله من ثروات في أراضيها؟؟ وهل هذه الفضائيات استطاعت إيجاد مكانة لها بين الشعوب العربية؟؟ وهل العرب يستفيدون منها وهل هي حيادية وصادقة في التعبير عن مشاكل وهموم المواطن العربي الإجتماعية والإقتصادية والسياسية؟؟ وهل خدماتها التي تقدمها للناطقين باللغة العربية هي خالصة لوجه الله؟ أم هي مجرد وسيلة للتلاعب بعواطف المتلقي العربي والإساءة إليه، أكثر من خدمته واستغلال ظروفه الإجتماعية وواقعة السياسي والإقتصادي لغرض في نفس حكوماتها؟؟ أما إذا كان الأمر لوجه الله فلماذا لا تقدمنا لشعوبها بلغتهم لتعرفهم على أوضاعنا ومشاكلنا؟؟ وأين هي الدول العربية بإمكانياتها المادية لإطلاق فضائيات بلغات أخرى لتعريف العالم على حقيقتنا، وتفرضنا عليهم كما يُفرضوا علينا بحسناتهم وسيئآتهم؟؟ نعم هناك فضائيات عربية ناطقة باللغة الانجليزية والفرنسية لكن البرامج والأفلام التي تقدمها من إنتاجهم وتعبر عن آرائهم وواقعهم وأحيانا تكون دعاية لنشر ثقافتهم وتربية أجيالنا على عاداتهم وتقاليدهم، ولا تقدم شيئاً جديداً من إنتاجنا ويعبر عن رأينا وثقافتنا.
لقد كتبت موضوعاً تحت عنوان “وسائل الإعلام ودورها في تقدم وتأخر الدول” بتاريخ 2010/04/02 فوصلتني رسائل بالبريد الإلكتروني إحداها من إعلامي تقول: إن العقليات التي تدير إعلامنا ليست بالمستوى الفكري الناضج والموضوعي المطلوب، حيث تطغى على أغلبها المحسوبية والقرارات الفردية. وهذا عادي في الدول العربية لأن الحكومات هي التي توفر لها الدعم المادي والإمكانيات، فهي لا تقدم لمجتمعها شيئاً يذكر، فكيف يمكنها أن تخدم المجتمعات الأخرى؟ حتى يقال أن بعضها ممول من قبل مؤسسات أو حكومات غربية لها مصالحها.
رسالة أخرى من شاب خليجي تقول: نحن خريجوا الإعلام نكتب في صحفنا المحلية كهواة، مع ذلك نمنع من نشر مواضيعنا من قبل بعض المسؤولين ورؤساء الأقسام في الصحف وأحياناً بقرارات فردية دون الرجوع إلى رؤساء التحرير الذين شغلهم الشاغل المدح والثناء على المسؤولين.
ورسالة من صديق يقول فيها أنه تابع في إحدى الفضائيات حواراً مع أحد كبار المسؤولين الإعلاميين يدافع فيه عن موقف القنوات التي يديرها من القضايا و المواضيع التي من المفروض أنها تعبر عن العرب والمسلمين ولكنها لا تمثلهم في رأي صديقي حيث يصفها المسؤول بالموضوعية والحيادية والإلتزام بأصول المهنية الإعلامية. فإذا كانت المهنية تستلزم تشويه معاناتنا واحترام اعتداءات الغرب علينا فلا نريدها وإذا كانت آراء وميول ومبادئ المسؤولين عن الإعلام العربي غربية لا تربطها بالعرب إلا اللغة، فنحن بريؤون منها ولا يشرفنا أن تعبر عنا
وهذا دليل على أن بعض وسائل الإعلام العربية وخاصة المرئية لا تعبر عن رؤى وأفكار وطموحات عربية أو وطنية، وإنما هي أقرب إلى سياسات الحكومات الغربية والإستعمارية، والشعوب العربية لا تصدقها وخير دليل على ذلك الكلام الدارج في كل المجتمعات “كلام جرايد” أي بمعنى أي كلام لذا أصبح المشاهد العربي يتابع الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية والتي تلتزم بالمهنية فعلاً مع أنها صادرة وممولة من دول أجنبية، لكنها تقدم للمشاهد العربي جزءاً من حقيقة ما يدور في وطنه بموضوعية. مؤخراً تابعت برنامجاً وثائقياً بثته إحدى القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية، يروي تاريخ قائد عربي ومواقفه الوطنية والقومية وآرائه وأجزاءً من حياته الخاصة، هذا القائد العربي الذي كان له في يوم من الأيام شأن كبير في وطنه ومكانة بين أمته، ولا زال التاريخ يذكره إلى الآن ومع الأسف أجهزة الإعلام العربية لا ذاكرة لها كلها مسخرة للتطبيل لمن هم في السلطة كعادتها!!!!