أغادير المدينة المغربية الجميلة بشواطئها الممتدة على المحيط الأطلسي وتنوع ثقافتها وجمال طبيعتها الجبلية وتاريخها العريق ، وتعتبر من أكثر المدن المغربية استقطاباً للسواح الغربيين وتحلو السياحة في إغادير كما قلت للأوروبيين خاصة الألمان والهولنديين الذين تجذبهم أجواء شتائها الدافئ ، ويعتبر سائحو الدول العربية قلة بالنسبة لهم حيث أن أغلبهم كثيرو التردد على الرباط والدار البيضاء ومراكش.
زرت أغادير أكثر من مرة، مرتان في زيارة رسمية ، أحدها لحضور مؤتمر المستوطنات البشرية وكنت أمثل دائرة المستوطنات البشرية التابعة للأمم المتحدة ، كُلّفت بافتتاح المؤتمر ، وصدرت عنه عدة قرارات لتقوية دور المدن ، والمرة الثانية زُرتها بدعوة من الجماعات المحلية للتنسيق فيما بينها ودُعيت مع عدد قليل من المسؤولين في منظمة المدن العربية وعلى رأسهم أمين عام المنظمة آنذاك عبد العزيز العدساني ، ومعالي الشيخ عبد الله النعيم رئيس المعهد العربي لإنماء المدن العربية ، وافتتح المؤتمر وزير الداخلية المغربي آنذاك إدريس البصري وما لاحظته حينها ، أن لغة الخطاب السائدة في ذلك الوقت في المغرب كانت لغة التعالي والأمر ، أما اليوم فلا شك أن المغرب خطى خطوات ثابتة وجريئة وإستبدل أسلوب السمع والطاعة بالحوار والإستماع إلى الرأي الآخر من أجل خدمة الوطن والمواطن.
ثم بعد ذلك زُرتها أكثر من مرة في زيارات خاصة ، وإزداد إعجابي بالمدينة ، ففي كل زيارة أراها بشكل مختلف.
أغادير ، كما علمت ، كلمة جمعها أغوادر ، لها معاني مختلفة في اللهجات البربرية فهي الحائط أو الحاجز للحماية أو الدفاع ، وهناك رأي آخر يقول أن أصل الكلمة فينيقي وتعني مخزن لحماية المحاصيل ، وأغادير جزءٌ من مثلث سوس المغربي معقل البربر.
كانت أغادير ميناءً صغيراً للصيد بناه أحد التجار البرتغاليين ، لكن في سنة 1540 سيطر عليه السعديون الذين كانوا يحكمون المغرب آنذاك ، وعاشت أغادير العصر الذهبي في منتصف القرن التاسع عشر ، حيث أصبحت مركزاً مُهماً للتجارة الأوروبية فتم تأسيس مراكز تجارية لكل من فرنسا وهولندا والدنمارك ثم غادروها بعد ذلك إلى أن إحتلها الألمان سنة 1904 بموجب اتفاق سلمي بين بريطانيا وفرنسا، لكن الحال لم يبقى كما هو عليه فتنازلت ألمانيا لكي تبدأ فرنسا حمايتها على المغرب ، وكأن قدر هذه المدينة أن تزدهر وتسقط ثم تنهض من جديد وكأن شيئاً لم يكن ، كما حصل بعد الزلزال المدمر الذي تعرضت له سنة 1960 والذي راح ضحيته حوالي خمسة عشر ألف شخص وكان ذلك في عهد الملك محمد الخامس ، القائد العربي الذي لن يتكرر في المغرب العربي ، حيث بادر بزيارة المنكوبين والجرحى مباشرة بعد الزلزال وكان ذلك خلال شهر رمضان ، وصرح حينها: “إذا كان قدر أغادير أن تصبح حطاماً فإعادة بنائها يعتمد على إيماننا وإرادتنا”.
وبإرادة الشعب والملك تمت إعادة بناء مدينة أغادير بشكل حديث وعصري، وهاهي الآن تُعْتَبر من أجمل المُدن السياحية ، بجوها المعتدل وفنادقها الراقية وشواطئها الجميلة.
أما إقتصادياً ، فأغادير تتمتع بثروة سمكية لا بأس بها ، وميناؤها من أهم الموانئ في المنطقة ، كما أنها معروفة بإنتاجها لزيت (أركان) الذي يُستخلص من أشجار منتشرة حوالي أغادير وفي منطقة سوس بالذات ، هذا الزيت المعروف بخصائصه الطبية والتجميلية والذي يتهافت عليه الغرب. حالياً المغرب الأكثر استقراراً خاصة إذا قارناه بشقيقاته دول المغرب العربي، وهذا الإستقرار راجع إلى سياسة الملك الشاب، وتماسك الشعب وتحديه للظروف الإقتصادية والإجتماعية، والسعي إلى الإرتقاء لتقديم خدمات أفضل للزائرين أو السائحين ، ومؤخراً تُصادِف في المغرب كثيراً من العرب من سوريا والعراق ودول المغرب العربي يستثمرون هناك نتيجة الإنفلات الأمني وعدم الإستقرار في بلادهم ، أما أبناء دول مجلس التعاون الخليجي فاستثماراتهم في المغرب بدأت منذ سنوات طويلة نتيجة الروابط التاريخية العريقة التي تربط بين المغرب وهذه الدول ولازالت مستمرة.