حين تتصفح 45 سنة من تاريخ الاتحاد، لا بد وأن تشعر بالفخر والإمتنان للقادة الذين آمنوا بفكرة الوحدة واجتهدوا وجاهدوا إلى أن تحققت، حيث كان البعض حينها يعتقد أنها مزيج من الخيال والمستحيل إذ أن أهالي المنطقة في ذلك الوقت كانوا يمرون بأوضاع غير مستقرة، بدأً بخروج الإنجليز المباغت ورغبة بعض الدول بتفتيت المنطقة حتى تكون تحت سيطرتهم وحاولوا استغلال الوضع حيث أن معظم مواطني هذه الإمارات لم يعرفوا الوحدة أو يعيشوا تحت ظل الدولة بالمعنى الحقيقي.
لكن ها نحن اليوم نحتفل بهذا الإنجاز التاريخي وباستمراريته وننعم بإستقراره وإزدهاره، فبقرار حكيم وشجاع وبجهود وحكمة مؤسسي دولتنا قام الإتحاد، وبالإرادة والعزيمة تحقق الحلم وقامت دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن يرجع إلى تاريخ دولتنا يدرك أن أبنائها كانوا يعيشون ظروفاً صعبة في ظل إمارات صغيرة متفرقة لا يتعدى عدد سكانها الآلاف فآمنوا بنبل فكرة الإتحاد وبقدرة قادتهم على إنجاحها، وأيقنوا أن رياح التغيير لصالحهم وعليهم أن لا يقفوا في وجه التطور الذي قد يأتي بها. وهكذا ركز القادة جهودهم على ضرورة الإتحاد فوحدوا رؤيتهم على رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأخيه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وإخوانهم حكام الإمارات وتحمل معهم المهام نخبة من رجال الإمارات، وكان هدفهم رفع مستوى معيشة كل مواطن وتحقيق الإزدهار والتقدم وتأسيس بنى تحتية في شتى المجالات الخدمية والتعليمية والإجتماعية والإقتصادية. والحمد لله الذي ألهم قادتنا إتخاذ القرار الصائب وركزوا على بناء دولة حديثة لها وزنها ومكانتها ونموذج يحتذى به ووفروا حياة كريمة لكل من يعيش على أرضها وركزوا كل سبل العلم والمعرفة لبناء جيل قادر على دفع عجلة التقدم وأرسوا قواعد التطور والإزدهار له وللأجيال القادمة.
فكلما مرت السنين كلما أدركنا جيل بعد جيل بأن ما قام به هؤلاء القادة كان يفوق الخيال، رغم صعوبة الظروف ومشقة الحياة التي كان يعيشها كل مواطني الإمارات آنذاك، فبالصبر والعزيمة والحكمة والعدل تحقق لهم ما أرادوا وأصبحنا نعيش في ظل دولة قوية وصل صيتها الى كل مكان وسبقت كل زمان، لكن الأصعب هو الحفاظ على ما أرسى قواعده الآباء والأجداد والإستمرار في مسيرة التطوير والتحديث مع الحفاظ على الوطن وهويته العربية الإسلامية للأجيال القادمة، فالزمن لا يرحم ومن لا يعمل في الحاضر وكأنه يعيش المستقبل سوف يخسر الإثنين.
علينا أن نؤدي رسالتنا ونسلم الجيل القادم مسؤولية حمل الأمانة تقديراً للدور الذي لعبه مؤسسي الدولة.
وستظل إماراتنا في عيدها الخامس والأربعين شامخة متألقة تبني، وتتقدم وتزدهر، وستظل إماراتنا رمزاً للعدل والإنسانية وحب الخير وواحة للأمن والأمان في ظل قيادتنا الرشيدة الذين يعملون بقلب وفكر واحد لكي يتحقق ما فيه خير للأجيال الحالية والقادمة.
في عيد دولتنا الخامس والأربعين لازالت مشاعرنا تفيض بحبك يا زايد وننقلها من جيل إلى جيل … عن الإنسان الذي ندر وجوده في هذا الزمن… الأب الذي آثر شعبه على نفسه، القائد الذي امتدت أياديه البيضاء بالخير والعطاء في كل أنحاء العالم.