نشرت جريدة الخليج في استراحتها بتاريخ 15/4/2011 مقالاً رصد بداية إنشاء المؤسسات العامة وتأسيسها في إمارة دبي في نهاية خمسينات القرن الماضي مثل الشرطة، البلدية، بإعتبار أن دبي كانت سباقة في تأسيس بنيتها التحتية عن بقية الإمارات. كما تناول المقال نبذة عن تأسيس أول مجلس بلدي عام 1957 ودوره في تطوير المدينة. لاشك أن دبي دخلت عصر العولمة منذ زمن وبخطى ثابتة ، بإستراتيجيتها التنموية البعيدة المدى ومشاريعها العملاقة التي نفذتها لتطوير بنيتها الأساسية ، وتفوقت بذلك على مدن ودول خليجية لديها إمكانيات تفوق إمكانيات إمارة دبي ، ومن ضمن المشاريع التي نفذت آنذاك ، أول نفق تحت البحر في الشرق الأوسط يربط بردبي بديرة ، وهو نفق الشندغة ، إنشاء جسر آل مكتوم ، تعميق خور دبي ، إنشاء المركز التجاري ، أطول مبنى في المنطقة في ذلك الوقت، ومشروعات تنموية أخرى كالمطار والموانئ ، وكل ذلك تم في عهد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ، وبفضل رؤيته المستقبلية ، أدرك مبكراً أن النمو هو السبيل الوحيد للتقدم والإرتقاء ، فكانت دبي في سباق مع نفسها وإستطاعت مواكبة الحداثة والمعاصرة مع الحفاظ على هويتها وتراثها.
أما أول مجلس بلدي فلقد تأسس عام 1957 في إمارة دبي كما ورد في المقال ، واستمرت مهامه بفترات متقطعة في السبعينات و الثمانينات ، وبعد ذلك ، تأسست مجالس بلدية في بقية الإمارات حتى أن بعض الإمارات كان لها أكثر من مجلس مثل إمارة أبوظبي التي كان لديها مجلس بلدي بمدينة أبوظبي وآخر بمدينة العين ، وكذلك إمارة الشارقة كان لديها مجلس بمدينة الشارقة وآخر بخورفكان ، وبعدها تأسست مجالس بلدية في كل من إمارة عجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة ، بالإضافة إلى مجلس استشاري في إمارة أبوظبي. وكان لهذه المجالس دور فعال وإيجابي في متابعة نمو وتطور حركة العمران ورفع مستوى الخدمات في إمارات الدولة ، كما كان الهدف منها متابعة أداء وخدمات الأجهزة التنفيذية ، ولقد عاصَرتُ بعض المجالس البلدية في إمارة دبي ، وَحَضَرتُ وَعِشْتُ الجوانب المختلفة من النقاش بين أعضاء المجلس ولجانه ، وشاهدت مدى جدية الأعضاء في طرح المواضيع ومناقشة الأمور الفنية والإدارية والمالية ، وإبداء رأيهم بصراحة والتزام بعضهم بالشفافية والدقة والموضوعية، بحيث لم يكن يمر أي مشروع تطويري في إمارة دبي ، إلا وقد تمت مناقشة جميع جوانبه قبل توقيعه من قـِبل سمو رئيس البلدية أو صاحب السمو الحاكم. لكن لماذا توقف عمل المجالس البلدية بعد أن قطعنا شوطاً طويلاً، مع أن التطوير لا يتوقف؟؟ ولماذا لا يعاد تشكيلها مرة أخرى بأسلوب أحدث وصلاحيات أوسع ، لتكون عوناً لأصحاب السمو الحكام وتشرف على جميع المؤسسات والدوائر المحلية ، لكي تسعى دائماً لتطوير أدائها ورفع درجة تنافسيتها؟؟ ومع استمرار النمو الإقتصادي في التذبذب محلياً وعالمياً ، فإن إعادة إنشاء مجالس بلدية في إمارات الدولة مهم و أساسي خاصة وأن بعض المؤسسات والدوائر في بعض الإمارات تتخطى حدود مصاريفها ، وقد تستطيع هذه المجالس وضع أنظمة وقوانين تتماشى مع التطورات الحالية وإقتراح تصوراتها المستقبلية ، ومراقبة الأداء المالي والإداري في الدوائر المحلية ، إلى جانب تكوين لجنة خاصة لتلقي شكاوي أو طلبات المواطنين من مختلف المشاكل التي يواجهونها لدراستها و إيجاد حلول لها ، أو رفعها إلى السلطات العليا ، ومن ثم رفع التقارير النهائية إلى أصحاب السمو الحكام. وكذلك سوف تكون المجالس البلدية حلقة وصل بين المواطنين ومشاكلهم المختلفة والمتعددة والمسؤولين في الدوائر و المؤسسات، وهذا قد يُنتج قرارات محلية جماعية ، ومدروسة قبل اعتمادها من أصحاب السمو الحكام لتواكب التحديات المستمرة التي نشهدها الآن.
نتمنى أن نرى قريباً إعادة تشكيل مجالس بلدية. والله الموفق.