قبل أسابيع أثيرت ضجة في النادي الأهلي حول الصرف المبالغ فيه على كرة القدم وبناءً عليه تم إعفاء رئيس وأعضاء مجلس الإدارة. وانتقلت الضجة إلى الساحة الرياضية وشملت جميع الأندية. ثم سكت الجميع وكأن شيئاً لم يكن، فهل المقصود منها كانت إدارة النادي الأهلي أم هي نتاج طبيعي للصرف المبالغ على كرة القدم واستئثارها في جميع الأندية على باقي الألعاب؟؟!! وهنا لابد أن أشيد بعبد الله النابودة رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي السابق وإخوانه أعضاء مجلس الإدارة الذين بذلوا خلال فترة مسؤوليتهم كل الجهد وحققوا نتائج مشرفة والحمد لله. كما أتمنى للجنة المؤقتة ومجلس الإدارة القادم التوفيق والنجاح.
ولأن كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى على مستوى العالم فالحديث عنها يسيطر على إهتمام الجميع، وإذا ما أثير أي شيء حولها فإن التركيز عليه يأخذ فترة طويلة. إن المسؤولين عن الرياضة يعرفون تماماً ما يصرف على كرة القدم هذه اللعبة التي يشارك فيها اللاعبون داخل الملعب والإدارة خارجه والهدف هو النجومية بمنطق اليوم، مهما كان الثمن ومهما بلغت المصاريف، والكل يسعى لأن يكون اللاعب الأوحد في الملاعب وكلما كان الصرف أكثر كلما شعر المسؤولون بأنهم منافسون في الملعب ونجوماً فوق العادة خارجه وهكذا ترتفع قيمة اللاعب وأسهمه ويصبح ما يسمى بأعضاء مجلس شركات الأندية مجموعة من المبذرين يصرفون دون المساهمة في الرأسمال وليس كما يحدث عادة في الشركات، ولم يتحرك أحد إلا بعد أن أثير موضوع النادي الأهلي.
لقد كتبت عن المصاريف المبالغ فيها على كرة القدم مقالين متتاليين عام 2011 وتحدثت وتحدث البعض في وسائل الإعلام عن ذلك. وكما يعرف المهتمون بالرياضة وليس المستفيدون أن لا شيء سوف يحدث لتقليل الصرف، فالمخلصون لا يسمح لهم بإبداء الرأي فهم يا مجانين أو حاقدين أو أعداء النجاح هذا هو المفهوم السائد عندنا!!!
مع ذلك رأيت أنه من واجبي الكتابة في الموضوع مرة أخرى.
إن ما صرف على كرة القدم في السنوات الأخيرة أكثر مما صرف على الأندية بجميع أنشطتها خلال الثلاثين سنة الماضية وفي زمن الهواة كان المبلغ الذي تحصل عليه الأندية يوزع على جميع الألعاب وأنشطة الأندية المختلفة بما فيها النشاط الثقافي المنتشر في تلك الفترة والمنافسة فيه كالمنافسة في الرياضة وكانت المساعدات لا تتعدى 20% مما يصرف حالياً. وبالنسبة لكرة القدم ففي زمن الهواة وصل منتخب الإمارات الى كأس العالم في إيطاليا 1990 وأشتهر بهدف خالد إسماعيل على منتخب ألمانيا حيث انتهت المباراة 5/1 لصالح ألمانيا. كما فاز نادي العين ببطولة الأندية الآسيوية عام 2003 وإحتل المركز الثاني عام 2005 وفاز نادي الشباب ببطولة الأندية الخليجية عام 1992 بلاعبيهم المواطنين الهواة، وحتى في السنوات التي استعانت فيها الأندية بلاعبين أجانب لم يكن يصرف عليهم بهذه المبالغة وكان راتب اللاعب الأجنبي لا يتعدى 20 ألف درهم أما اليوم فتصرف عشرات الملايين عليهم وتعدى راتب اللاعب المواطن راتب الوزير وأصبح بعضهم لا يتحدث إلا بلغة المال ويطالب بالملايين مع أنه لا مكان له في الخارج ولو في دكة الإحتياط!!!
لكن كما يقول أحد الأصدقاء لماذا نستغرب من طلباتهم إذا كان اللاعبون الذين تجلبهم أنديتنا ليسوا إلا لاعبين على لائحة الإنتظار!!!
وأحد أسباب مثل هذه التصرفات هو الضجة الإعلامية التي رافقت زمن الإحتراف والتي بين ليلة وضحاها جعلت من الكمبارس نجوم ومن الهواة محترفين وأصبح كل من يحقق نسبة من الأهداف أسطورة فيغتر ويعتقد أن لا مثيل له ولا يمكن الإستغناء عنه ويتحول التركيز في الإعلام من أسلوب اللعب وصقل الموهبة إلى التركيز على تلميع الصورة وصناعة النجم!! ولا أحد منهم تطرق يوماً إلى المبالغ الخيالية التي تصرف على كرة القدم إلا بعد أن وقعت الطامة الأخيرة.
أما الأغرب من كل هذا هو ما أطلق عليه شركة كرة القدم هذه الشركة التي لا مثيل لها في العالم، شركة دون شركاء، رأسمالها غير معروف!!
ما عليها إلا الصرف مهما كانت القيمة والنتيجة، ما دامت لا تدفع من جيبها وليس عليها رقيب أو حسيب!!!
فإلى متى تستمر أوضاع الأندية والصرف بالملايين دون إجراءات؟؟ ولماذا لا تكلف الجهة المسؤولة عن الرياضة وهي هيئة الشباب والرياضة بوضع هيكل لإدارات الأندية وواجباتها ونظام الصرف المالي بها؟؟
ندعي الإحتراف والجمهور نغريه بوسائل مادية مختلفة لحضور المباريات. هذا ما نحن عليه للأسف!!!