عندما قامت الثورة الإيرانية قبل حوالي 36 سنة ضد الشاه، ظن البعض أن عهد التعالي والتكبر قد إنتهى وأن روح الصداقة والتعاون سوف تسود المنطقة، وأن دول الخليج وإيران سوف يتعاونان إقتصادياً وتجارياً لصالح شعوبهم، والأمن والإستقرار سوف يسود في جميع دول المنطقة، ولن تكون هناك دولة كبيرة وأخرى صغيرة، ولا دولة مسيطرة وأخرى تابعة وبدلاً من صرف المليارات على التسلح سوف تصرف لرفع مستوى معيشة المواطن هكذا تصور البعض. لكن بعد فترة وجيزة تبدد الحلم بإعلان القائمين على الحكم في إيران، شعار تصدير ثورتهم إلى الخارج وكانوا يقصدون بذلك دول الخليج العربي. هذا الشعار المبني على أسس مذهبية سياسية قبل أن تكون إسلامية. والقصد منه السيطرة وخلق بلبلة في المنطقة وزرع التفرقة، الشيء الذي لم يكن معروفاً في دول الخليج التي كان يسودها التواصل والود بين جميع فئات المجتمع، لأن الكل يعيش في ظل قانون ونظام، لا فرق بين مذهب وآخر لدرجة لم يكن معروفاً أو متداولاً في المجتمع، وليس كالحكومة الإيرانية التي قضت على كل فئات الشعب الإيراني التي لا تؤيد سياستها ومع الأيام حاولت نقل التوتر إلى المنطقة وإستمرت تدخلاتها في الخفاء إلى أن أصبحت بشكل صريح وواضح وذلك بإنشاء ودعم خلايا هنا وهناك وتحويلها إلى تنظيمات مسلحة لخدمة مصالحها.
فما الذي تريده إيران من وراء خلق هذه المشاكل وهل القصد من أفعالها إزعاج دول المنطقة وعرض قوتها وكأنها دولة عدوة للخليج كإسرائيل بالنسبة للعرب؟؟ مع أنها تقول وتردد دائماً وعلى لسان كبار المسؤولين والقياديين بأنها مع القضية الفلسطينية وضد إسرائيل، لكن يتضح من أفعالها بأنها ضد دول المنطقة ولا تختلف كثيراً عن إسرائيل، فبدلاً من إعادة بناء جسور التواصل والإنفتاح مع جيرانها إلا أنها لا تتوقف عن معاداتها وإشعال فتيل الخلاف والتفرقة بين أبنائها.
أما نحن أبناء الخليج فقد عشنا وسوف نعيش معاً دون النظر أو التفكير في الإنتماء المذهبي أو غيره، وما حصل ويحصل من إيران في السنوات الأخيرة هو موضوع سياسي تحاول إيران تحويله إلى نزاع مذهبي مفتوح بين أبناء الخليج ولمصلحة نظامها وسياستها وبسط نفوذها عن طريق عملائها، لكن على النظام الإيراني أن يدرك أن منطق القوة قد إنتهى وحلم فرض سياستها وهم وخيال، فدول وشعوب المنطقة بكل فئاتها ستقف ضد أي معتدي، فالعالم أصبح قرية صغيرة ولن يسمح لدولة بالإعتداء على الأخرى وفي النهاية أكثر المتضررين سوف تكون حكومة إيران إذا استمرت في نشاطاتها.
أما الشعب الإيراني فإن علاقة الصداقة وحسن الجوار كانت ولا زالت قوية فهناك إيرانيون يعيشون في دول الخليج معززين مكرمين وأعمالهم وتجارتهم مع أبناء الخليج مستمرة.
لذا المطلوب من الحكومة الإيرانية إعادة النظر في تصرفاتها بعقلانية وحكمة وليس بالتطرف والعنجهية وبعقول القرون الوسطى وخلق إحتكاكات وفتن لن تخدم أحداً، والتوتر في النهاية قد يتحول إلى نزاع مفتوح يضر الجميع.
وبقدر ما تريد أن تحترم بقدر ما هو واجب عليك إحترام الآخرين.