وردتني رسائل عبر البريد الإلكتروني حول ما كتبته تحت عنوان “في الشأن المحلي” وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إهتمام المواطنين وتفاعلهم مع أوضاعهم ووعيهم بما يدور في الوطن ، فأبناء الإمارات أكثرهم من الشباب المتعلم الجامعي ، منهم من تخرج من جامعات عريقة في أوروبا و أمريكا ، ومنهم من تخرج من جامعات وكليات داخل الدولة ، وكذلك بفضل إنفتاح الدولة على العالم إعلامياً وتكنولوجياً مما ساعدهم على فهم و إستيعاب الأمور بإدراك ووعي ، ومنحهم الفرصة للتعبير عن آرائهم ، لذلك إخترت بعضاً من هذه الرسائل ألخصها في موضوع اليوم. أحد الإخوة يقول : إن ما كتبته يدخل في صلب إهتمام المواطنين ، و أعتقد أننا تأخرنا كثيراً عن إنشاء مجالس بلديات ، والوقت حان الآن لإعادة تشكيلها مع تفعيل دورها للإهتمام أكثر بقضايا المواطنين ومشاكلهم اليومية. ورسالة أخرى تقول : في الوقت الحالي ، لا يكفي تشكيل مجالس بلدية ، بل نريدها مجالس محلية منتخبة على غرار المجلس الوطني الإتحادي لأنها ستكون أكثر قرباً وارتباطاً بهموم المواطن ، على أن تستفيد من المجالس السابقة ، وتعمل على تجديد الأفكار والرؤى وتقديم حلول تتماشى مع العصر الذي نعيشه. ورسالة ثالثة يقول صاحبها : قرَأتُ لِبَعْض الكـُتـاب الذين كتبوا عن المجلس الوطني الإتحادي ، وذكر بعضهم أنه لا داعي لمثل هذه المجالس لأن حكام الإمارات أبواب مجالسهم مفتوحة للجميع. وفي رأيي هذا الكلام تنقصه الدقة ، فلا شك أن مجالس حُكامنا مفتوحة ، لكن هل يستطيع كل مواطن أن يصلها أو يحضرها؟؟ ولو حصل ذلك فهل يستطيع خلال ساعات طرح ومناقشة مشاكل المواطنين ؟؟ لا أعتقد أن الوقت قد يكون كافياً أو الظرف مواتياً. لذا قد يكون تشكيل مثل هذه المجالس في جميع إمارات الدولة وسيلة للمواطنين للتعبير عن رأيهم وعن مشاكلهم وقضاياهم.
تعقيباً على هذه الرسائل وغيرها أقول : إذا كانت المرحلة الحالية تتطلب إعادة تشكيل مجالس بشكل أو بآخر، فإن رسالتها يجب أن تكون طرح مشاكل المواطنين و إيجاد حلول لها وإيصالها إلى أصحاب السمو الحكام، وذلك من شأنه أن يخفف أعباء كثيرة عنهم. المهم هو اختيار عناصر جادة وصادقة ، قادرة على الإنتاج وتحقيق التقدم للوطن ولخدمة المواطن. والأهم هو دور هذه المجالس وصلاحياتها وتحديد واجباتها.
إن عدد سكان الإمارات وصل إلى 8,2 مليون نسمة حسب ما ورد في وسائل الإعلام المحلية بينهم 947 ألف مواطن فقط (1) ، منهم 43 ألف عاطل عن العمل أي أن معدل البطالة وصل إلى حوالي 14% (2) ، وعندما ناقشت ذلك مع أحد المسؤولين استغربت من رأيه الذي اختلف عن ما كان عليه في السابق ، كما أن عدداً قليلاً من المسؤولين تطرق إلى هذا الموضوع الحيوي ومنهم من قلل من أهمية المشكلة بدل البحث لها عن حلول أو على أقل تقدير الحد منها. فعلينا إذاً أن ندرك بأن مثل هؤلاء قد يوصلون الحالة إلى التدهور ، لذا نريد مجالس قوية و أعضاء لا يترددون في اتخاذ مواقف حاسمة ولا يغيرون آرائهـم بتغيير المواقع ، لأن دور هذه المجالس يجب أن يكون حل مشاكل المواطنين ، وعلينا أن نختار من لا يؤولون جهداً لخدمة الوطن لأنه لا توجد مشاكل لا حل لها بل هناك مشاكل مستعصية تحتاج إلى تبني رؤى ووضع خطط عمل واضحة و تدعيمها ، والعمل معاً من أجل مستقبل واعد بإذن الله.
1) الإمارات اليوم 4 أبريل 2011
2) البيان 20 يناير 2011