قبل أسابيع اختار الإتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” الدول التي سوف تستضيف كأس العالم لكرة القدم عامي 2018 و 2022 ومن المعروف أن البطولة القادمة في عام 2014 سوف تقام بالبرازيل.
كانت المنافسة قوية بين الدول التي طلبت استضافتها وكل دولة تتباهى بإمكانياتها إلى جانب أن دول أوروبا تعتقد أن لها الحق في ذلك باعتبار أن البطولة انطلقت من عندها كما يأتي دور القارة عام 2018 فاشتدت المنافسة بين الدول المتقدمة خاصة بين بريطانيا مخترعة كرة القدم بشكلها وأسلوبها الحديث وروسيا التي تستضيفها لأول مرة بعد أن خرجت بقية الدول من أدوار القرعة، وفي النهاية فازت روسيا بعد أن تغلبت على بريطانيا في التصويت النهائي وبذلك سوف تقام بطولة كأس العالم عام 2018 في روسيا. ثم بدأ التصويت على بطولة عام 2022 حيث كانت المنافسة قوية بين دول لها مكانتها وموقعها مثل إستراليا القارة التي تتوفر فيها كل الإمكانيات لإستضافة هذه البطولة مع أنها حديثة العهد في مجال كرة القدم، وكوريا + اليابان اللتان نجحتا في تنظيم بطولة عام 2002 ثم الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأقوى والأكبر في العالم اليوم وأخيراً دولة قطر الشقيقة، في الجولة الأولى من التصويت خرجت إستراليا وكوريا الجنوبية + اليابان، وبقيت المنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية وقطر التي نجحت في سحب البساط من الدولة العظمى فتم اختيارها لإستضافة هذا الحدث الرياضي العالمي الكبير الذي يتلهف لمتابعته الكبير والصغير.
قطر ستبقى من الآن وحتى عام 2022 وفيما بعد ذلك على الخريطة العالمية وعبر كل وسائل الإعلام وأنا متأكد من أن الأخوة المسؤولين في دولة قطر الشقيقة سوف يستغلون ذلك للتسويق السياحي والتجاري بنفس الحماسة والرؤية التي قادوا بها دولتهم للفوز باستضافة البطولة.
قطر أول دولة عربية تحقق هذا الحلم مع أنها ليست أكبر دولة أو أكثرها إمكانيات وعلينا أن نبارك لهم هذا الإنجاز الذي تحقق رغم المنافسة الشديدة مع دول أخرى كبيرة، فمبروك لقطر حكومة وشعباً وللشعوب العربية التي تتمنى لوطنها العربي الكبير تحقيق النصر والإنجازات مهما كانت الخلافات الجانبية بين حكوماته، وعلى رأس هذه الشعوب شعوب دول مجلس التعاون التي تفتخر بهذا الإنجاز مع أنها لم تشارك بمساندة قطر لا من قريب ولا من بعيد، وإنما تحقق ذلك بعزيمة وإصرار قطري. لكن مردوده الإيجابي سوف ينعكس على كل دول مجلس التعاون وعلى اقتصادها.
بعد الإعلان كنت أتابع على إحدى القنوات التلفزيونية الأجنبية ردود الأفعال على النتيجة مع مواطني بعض الدول التي خسرت الإستضافة مقابل دولة قطر حيث أعرب أحد المواطنين الإستراليين عن دهشته من فوز قطر التي قال أنها أصغر من مدينة “أدلايد” الإسترالية وأن درجة الحرارة فيها تتعدى الخمسين درجة، فكيف بإمكانها استضافة البطولة؟؟ كما عبر آخر، في الولايات المتحدة وهو مواطن أمريكي عن غضبه من اختيار قطر، لأن جوها حار ولا يطاق في هذه الفترة وأن الإتحاد الدولي تغاضى عن ذلك لسبب ما. المهم رغم كل هذا الغمز واللمز الذي لن يقلل من شأن قطر التي فازت بالإستضافة والتي أدركت القيادة فيها منذ فترة بأن بإمكانها تحقيق إنجازات سياسية واقتصادية بالإرادة والعزيمة وبأن الدول لا تقاس بحجمها أو بعدد سكانها مع أن ذلك مهم جداً، إنما بأصرار قيادتها وشعبها. قطر تمشي بخطوات ثابتة في مختلف المجالات وهذا الإنجاز دليل على ذلك، ولو أن الدول العربية عرفت قدراتها وإمكانيات شعوبها لكان الوضع العربي على غير ما هو عليه.
في الأثنتي عشر سنة القادمة سوف يكون لقطر دور ريادي في المنطقة خاصة في مجال البناء والبنية التحتية وكذلك التجاري والصناعي، ولا شك أنه لإستضافة مثل هذه البطولة لابد من توفير المال للصرف على المنشئآت ولا يمكن القول بأن دخل البطولة يغطي كل ما ينفق عليها لكن المنشئآت تبقى مع بقاء الدولة ولو لم يكن الأمر كذلك لما تنافست الدول على إستضافتها فها هي جنوب أفريقيا الفقيرة إلى حد ما بإمكانياتها مقارنة ببعض الدول العربية، نجحت في إبراز اسمها على الخريطة العالمية عام 2010، لذلك سوف تكون قطر حدث القرن الذي لن يتكرر، ولو تكرر مع نهاية القرن سوف يكون السبق لها، وسوف تكون لقطر بعد بطولة 2022 الفرصة الأكبر لإستضافتها مرة أخرى بالإمكانيات والبنية التحتية التي سوف توفرها لهذا الحدث. تعتبر المشاركات العربية في بطولة كأس العالم معقولة إلى حد ما، فأول دولة شاركت فيها كانت مصر عام 1934 وآخر دولة الجزائر عام 2010، أما الدول العربية الأكثر حظاً بعدد المشاركات هي المغرب والسعودية 4 مرات لكل منهما، أما الإمارات فشاركت في بطولة 1990 بإيطاليا.
وأخيراً سوف تبقى قطر أول دولة عربية نجحت في إنتزاع إستضافة البطولة مع أنه قبل عام عندما عرف العالم من خلال وسائل الإعلام بان دولة قطر تقدمت بالترشيح لاستضافتها، قال أحد الخليجين خلال جلسة خارج البلاد بأن هذا تصرف لا مبرر ولا داعي له لأن قطر أولاً لا يمكنها منافسة دول لها إمكانيات وباع طويل في هذا المجال، ثم ماذا يمكن لها أن تجني من وراء ذلك غير تبذير المال العام؟!!!
على كلٍ مهما اتفقنا أو اختلفنا في الآراء فيما تحقق، أقول مبروك وشكراً لدولة قطر حكومة وشعباً على هذا الإنجاز الذي سوف يبقى حدثاً تاريخياً بالنسبة للعرب.