زرت إسطنبول مؤخراً في زيارة خاصة لعدة أيام ، التقيت خلالها ببعض الأصدقاء وتواصلت مع بعضهم ، فإسطنبول مدينة تأسرك بروحها التي تجمع بين سحر الشرق و أصالته و حداثة الغرب ، لكني لاحظت كم تغيرت إيجابياً وهذا دليل على التغييرات السياسية والإقتصادية والتنموية التي طرأت عليها ، كما هو دليل على نجاح مشروع حزب العدالة والتنمية ، فبفضل جهود رجب طيب أردوغان ورفاقه، تركيا تتقدم بشكل مذهل وملفت للنظر ، و الكل يعمل بإخلاص وتفاني من أجل تحقيق أهداف ومصالح الشعب ورفع مستوى كل فرد في المجتمع ، أما خارجياً فتركيا أصبح لها موقع أساسي دولياً و أصبح يُعمل لها ألف حساب ، وهي شريك مهم للدول الغربية و عازمة على الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي باعتبارها مركز سياسي و إقتصادي مهم في المنطقة ولعل كل زائر أوروبي إلى إسنطبول حالياً يتسائل : لماذا لم تنضم إلى الآن تركيا إلى الإتحاد الأوروبي ؟؟ فهي تعتبر بوضعها الحالي المزدهر والمستقر مكسباً و إضافة له.
والتاريخ لا يزال يذكر لتركيا عزم و إرادة و طموح قادتها منذ الدولة العثمانية التي في عهدها انتشر الإسلام ووصل المسلمون إلى غرب وشرق أوروبا ، فمهما اختلفنا مع ذلك العهد أو تصرفات بعض سلاطينها ، سيظل التاريخ يذكر هذا العصر الذهبي لتركيا و مجدها وعزتها.
وها هي اليوم في عهد رجب طيب أردوغان تخطو خطوات جريئة وتتبنى مواقف شجاعة بشكل يتوافق مع العصر الحالي ، و الظاهر أن الكل يسعى للتقرب أو التعاون أو الإستفادة من إمكانياتها. باعتبارها نموذج متميز ، حققت مالم تستطع تحقيقه حتى الدول الأوروبية ، والسبب أن رجب طيب أردوغان ورفاقه كان هدفهم منذ البداية الإصلاح و إرساء الديمقراطية ، كما أنها بفضل عملهم المتواصل تقدمت في مجالات مختلفة واعتمدت على قدراتها الذاتية وفرضت احترام الشخصية التركية الإسلامية ، وتركت الحرية للشعب لإختيار الأفضل له ، ويبهرك حالياً الإنسجام بين فئآت الشعب المختلفة من الإسلاميين والعلمانيين ، فالكل يمارس حياته الإجتماعية أو السياسية بحرية دون قيد أو شرط ، كما أن هناك أعداد من الصحف و القنوات التلفزيونية التي تعبر عن رأيها المخالف لسياسة الحكومة وتنتقد الكثير من أدائها أو مواقفها السياسية أو الإقتصادية ، مع ذلك لم نقرأ أو نسمع أنها أغلِقت أو أوقِفَ أو سُجِنَ أصحابها.
هكذا تمشي تركيا بخطى ثابتة وعاقلة وبقوة وعزم ، ويحسب للسيد رجب طيب أردوغان قدرته على إتخاذ مواقف أبرزها مساعدة أهالي غزة ووقوفه إلى جانب الفلسطينيين الشيء الذي لم يفعله أي رئيس عربي ، ثم موقفه من شمعون بيرز في منتدى دافوس ، وهذا هو موقف الشخصية الإسلامية المشرفة التي تفرض على الآخرين إحترامها مهما إدعى البعض. ومنهم شخصية سياسية في إحدى الدول العربية ، الذي قال مدافعاً عن موقفه حينها ، بأن سبب ترك رجب طيب أردوغان المنصة هو عدم إعطائه فرصة للحديث ، وهذا غير صحيح ، فأنا على يقين تام بأن السبب الحقيقي هو مغالطات شمعون بيرز ، وبعد الرد عليه ترك المنصة. وهذا ما تابعناه على القنوات الفضائية.
بالرجوع إلى مدينة إسطنبول التي تغيرت كثيراً ، فهناك مشاريع كبيرة نفذت ومشاريع أخرى قيد الإنشاء ، وتم تطوير السياحة والمعالم التاريخية و إنشاء مجموعة من المراكز التجارية وفنادق راقية داخل المدينة وحولها.
أما سحر إسطنبول وجمال طبيعتها فلا يخفي على أحد حتى من لم يزرها. فهي تقع على واجهة بحرية تمتد بين أوروبا و آسيا ، وخضرتها على مدار السنة تسر الناظرين ، هي من الوجهات المفضلة للأوروبيين سواء للسياحة أو للإستثمار مؤخراً. كما أصبحت تجذب السياح العرب وبالذات الخليجيين وقد قال لي أحد الأخوة ، بأن اللغة لم تعد عائقاً لزيارتها لأن الأتراك وبالذات أهل اسطنبول يتكلمون عدة لغات.
هكذا خططت وتنمو تركيا ، وهكذا تتفوق إسنطبول على كثير من المدن في أوروبا و آسيا بفضل حكمة قادتها وعملهم الجماعي دون إعاقات أو تصرفات فردية. فتركيا اليوم هي نموذج الدولة الإسلامية المتقدمة دون منازع وسوف تصبح عزة وفخر المسلمين والعرب ومثالاً يحتذى به.