حــوار عن الوطــن العربي …… في جلسة خارج البلاد مع بعض الأخوة العرب أحدهم فلسطيني، دار الحوار حول العرب وما وصلوا إليه من تشتت وخلافات وإلى متى سوف يستمر ذلك؟؟ وهذا ليس بغريب فأغلب اللقآئات والحوارات بين الأخوة العرب تغلب عليها الحسرة والأسف على الوضع العربي العام. خلال الحوار تسائل الأخ الفلسطيني عن مسؤولية الدول العربية حول ما جرى ويجري للفلسطينيين وبالذات بعض الحكومات العربية التي حسب رأيه تدعم التفكك والانقسام وذلك بأوامر من حكومات غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وما يجري في قطاع غزة خير دليل على ذلك. دار نقاش طويل حول هذا الموضوع وغيره. لاشك أن العرب بشكل عام لهم دور في ما حصل للفلسطينيين من مآسي، وما استمرار أزمة السلطة الفلسطينية التي من الواضح أن لا أحد يريد حلها والتي أدت إلى فصل قطاع غزة عن الضفة في ظل حكومتين إلا نتيجة لذلك. وهذا كله يصب في مصلحة إسرائيل وحدها التي تستغل الوضع القائم لحث المجتمع الدولي للضغط على الفلسطينيين لتقديم المزيد من التنازلات وكأنهم الطرف الأقوى، وكأن الصراع القائم هناك متكافئ، قد يقول قائل هذا كله معروف، لكن ماذا فعل الشعب الفلسطيني بمختلف فئآته وأحزابه وأديانه خاصة في الضفة الغربية أليسوا هم المعنيين بالأمر؟؟ أليسوا هم من يعاني من الإحتلال وجبروته؟؟ ألم تكن هزيمة 67 وخروج مصر من المعركة بعد حرب 73 إشارة واضحة للشعب الفلسطيني لممارسة دوره في تحرير وطنه أو الأراضي المتبقية منه؟؟ ألم يكن الوقت كافياً لإستيعاب الدرس والتماسك والنهوض من جديد إن لم يكن ممكناً بقوة السلاح، فبالإضرابات والتظاهرات والإعتصامات السلمية كما فعلت معظم شعوب العالم لنيل حريتها؟؟ بدأ ً بالشعب الأمريكي الذي حرر نفسه من الإستعمار البريطاني بقدراته الذاتية واستطاع الحفاظ على ثروات بلاده وبنوا دولتهم حتى أصبحوا بهذه القوة التي نراهم بها الآن، لكن البداية كانت التخلص من المحتل وقدموا في سبيل ذلك الكثير من التضحيات والشهداء وتشبثوا بأرضهم إلى أن نالوا استقلالهم، ولماذا نبتعد عن العالم العربي؟؟ فالثورة الجزائرية خير مثال على النضال من أجل الحرية والإستقلال ودم أكثر من مليون شهيد لتحرير الأرض من الدولة المستعمرة فرنسا التي كانت أقوى من إسرائيل وتمتلك إمكانيات عسكرية هائلة، أ الشعب الفلسطيني أقل إيماناً وقدرة من الشعب الجزائري لا وألف لا فالشعب الفلسطيني يعاني من الإحتلال والإعتقال والقهر والتعذيب والتهجير منذ أكثر من 60 سنة مع ذلك ما زال صامداً صابراً على جبروت وغطرسة عدو لا يرحم.
لاحظت في الفترة الأخيرة أن بعض الصحف والمجلات الأمريكية بدأت تهتم بالكتابة عن أوضاع الفلسطينيين في الداخل وعن حصار قطاع غزة خاصة بعد تعرض سفينة الحرية لهجوم الجيش الإسرائيلي، فبدأت تنتقد بعض تصرفات الحكومة الإسرائيلية، مع أن هذا غير كاف أمام أفعالها العنصرية اليومية إلا أنه يعتبر خطوة نحو الألف ميل كما يعتبر دليلاً على تغيير الرأي العام الغربي الذي يعبر عنه الإعلام، لأن الرأي العام له دور في رسم سياسة الدولة تجاه القضايا الداخلية والخارجية والسبب الأساسي في تغيير نظرتهم وتعاطفهم، هو تماسك أهالي قطاع غزة ورفضهم الإنصياع والتسليم للضغط الإسرائيلي وكذلك تحمل عرب الداخل لإستفزاز العدو وخير مثال صبر أهالي قرية أم الفحم مع أنهم لا يملكون إلا أرواحهم وتمسكهم بعروبتهم. لكن أغرب ما قرأت خلال هذه الفترة كان مقالاً إستفزازياً في إحدى الصحف الأجنبية قد يكون كاتبه لا يدرك الحقيقة أو أنه موال لإسرائيل يقول فيه: إن الشعب الفلسطيني في الضفة راض عن أوضاعه وأغلبهم مستفيدين من هذا الوضع كيف؟؟ لأنه ساكتٌ، بعكس فلسطينيي الداخل و قطاع غزة الذين لم يشلهم الظلم والقهر ولم تنكسر روحهم. في الحقيقة هذا المقال كما يقال كلمة حق يراد بها باطل فالشعب الفلسطيني في الضفة يتحرك رغم مرارة الواقع الذي يعيشه ونراه عبر الفضائيات يتعرض لمشاكل يومية وصامِدٌ أمامها، لكن هذا لا يكفي لأن القضية بالنسبة لجميع الفلسطينيين أصبحت واضحة، فإسرائيل لم ولن تسلم وتعترف بحق الشعب الفلسطيني بإنشاء دولته حتى لو اعترفت بذلك جميع دول العالم، فهي كما أصبح معروفاً لدى الجميع تريد أرضاً من النيل إلى الفرات، ولا تتردد في تكرار ذلك ولا أحد يرد عليها خاصة دول الغرب لأنها في الأساس أقامت دولتها بأوامر وتوجيهات منهم وعلى رأسهم بريطانيا ممثله في وعد بلفور وزير خارجيتها في ذلك العهد، وكان القصد من كل هذا التخلص منهم في بلادهم، ومسرحية شكسبير تاجر البندقية وما قام به هتلر ضدهم خير دليل على ذلك، وبعد إنشاء دولة إسرائيل بدأت تتمرد على داعمي قيامها، وأصبح دعمها اللامحدود تتلقاه من أمريكا والذي كان نتيجة طبيعية لقوة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن يدري قد يأتي يوم وتنقلب الأوضاع، فمهما طال الزمن وكلما طال سكوت الشعب الفلسطيني كلما تمادت إسرائيل في السيطرة والتغطرس واستعمال القوة لقهر هذا الشعب المناضل لذا لابد لأهالي الضفة وهم الأغلبية بجميع فئآتهم من التضامن ومساندة إخوانهم في قطاع غزة مهما أختلفوا في الآراء والمواقف هذا هو الشيء الوحيد الكفيل بمساعدتهم على نيل حقوقهم فإن لم يكن بالمقاومة المسلحة فليكن بالإعتصام والإضراب والمظاهرات المستمرة يداً بيد وهذا أضعف الإيمان، وسوف تقف جميع شعوب العالم معهم وتساند قضيتهم وقد يكون هذا دافعاً قوياً لقادتهم لرفض ما يقال عنه ممارسة ضغوط عليهم، بكل تأكيد إن هذا الأمر ليس سهلاً ويتطلب تضحيات أكبر، لكنها لن تكون أكثر من التنازلات التي قدموها طوال ستين سنة ولم يحصلوا على شيء وهل بالإمكان نيل الحقوق بغير ذلك، أم ترك الأمور بيد الغير ثم لومهم بأنهم السبب وراء مشاكلنا.