منذ عصور مضت كانت المعرفة والبحث العلمي هما جوهر الإكتشافات العربية والإسلامية وبسبب إتساع الأفق وإستيعاب كل ما هو جديد والإجتهاد في البحث عن كل ما يخدم البشريّة ، برز علماء ومكتشفون لازلنا نعيش على أمجادهم ، ترجموا إجتهاداتهم وأبحاثهم إلى واقع معرفي متنوع ومتميز ، ولا زال العالم يستفيد من تجاربهم إلى يومنا هذا وبالذات أوروبا وأمريكا ، حيث أخذوا ما حققه هؤلاء بجهودهم وبإمكانيات ذللك الوقت ليكون بداية فتح آفاق واسعة للمعرفة والبحث العلمي في وقتنا الحاضر ، فالإنجازات التي حققها علماء المسلمين والعرب في القرون الماضية سبقوا بها كل شعوب الأرض وكانت بداية لكل التطورات البشريّة، والتقدم والتطور الذي تحقق في مختلف المجالات وضع له اللبنة الأساسية هؤلآء العلماء.
قبل أيام قرأت كتاباً تحت عنوان( ألف إختراع وإختراع التراث الإسلامي في عالمنا) تولى تحريره البروفسور سليم الحسيني رئيس مؤسسة العلوم والتكنولوجيا و الحضارة وبمساهمة ناشيونل جيوغرافيك العربية .
الكتاب يتناول الإنجازات العلمية والفنية والأبداعية التي وصل اليها المسلمون في القرون الماضية وجزء كبير منه يتحدث عن علماء المسلمين الذين بفضل إجتهاداتهم ورغبتهم في تغيير مجتمعاتهم والنهوض بها أصبحوا قدوة ولا زالو لعلماء ومكتشفين آخرين ، كما يتناول إختراعات إسلامية في مختلف المجالات كالطب والمعرفة وفن العمارة الإسلامية وغيرها الكثير.
ففي مجال التعليم الجامعي جاء في هذا الكتاب القيم أن جامعة القروين بفاس بالمغرب تعتبر أول جامعة في التاريخ بنتها عام 841 ميلادي فاطمة الفهري في وقت كانت تعيش فيهِ أروبا عصرالظلمات.
وفي الجراحة وتحضير الأدوية إشتهر العالم أبو القاسم خلف الزهراوي وكان له الفضل في إرساء أٌسس الجراحة وأدواتها في أوربا . ومن منا لا يعرف الرازي وإبن سينا حيث لا يوجد مستشفى أو عيادة أو صيدلية في العالم العربي لا يحملان هذا الإسم وكتبهم في العلم والطب والفلسفة من أهم المراجع .
الأتراك هم أول من إكتشف التلقيح ثم إنتقل بعد ذلك إلى إنجلترا ، ونسب إكتشافه بعد نصف قرن من ذلك إلى (إدوارد جينرز) (Edward Jeners) برز المهندس المعماري التركي (ميمار سنان) (Mimar Sinan) مهندس الإمبراطورية العثمانية على مدى القرن الخامس عشر ولقد أحدثت هندسته ثورة في تطوير وتصميم القبة في ذللك العصر.
وإشتهر الرحالة العرب أمثال إبن بطوطة وإبن ماجد بتجوالهم العالم رغم صعوبة التنقل والتجوال آنذاك خاصة إبن بطوطة بطوافه والإنتقال بين المناطق المختلفة وما قدمه للعالم من معارف وعادات الشعوب يشابه ما تقدمه اليوم (نشينال جغرافيا) ولولا هؤلاء لما إستطاع الغرب أن يتطور ويتقدم ويصل إلى الفضاء ويقدم للأنسانية حياة جديدة متطورة تتوافر فيها كل سبل الراحة والترفيه.
أما العرب والمسلمون فتوقفت إنجازاتهم عند ذلك الزمن حتى إنهم لم يستفيدوا من ذلك العلم وتلك المعرفة ولم يبقى لبعضهم الاّ الحسرة عليها وذكرها بألسنتهم التي بقوتها تفوق كل معارف وإبتكارات العالم ،فكل يوم نسمع تصريحات وشعارات وإدعائات هنا وهناك ، لكنها لن تفيد الشعوب التي لا زالت تنتظر أبسط حقوقها وإلى أجل غير مسمى.
كمن ظهر مؤخراً عبر إحدى الفضائيات يصرخ بصوت مرتفع وياليته رجل عادي إنما دكتور في القانون ويقول أن دستور دولته الجديد أعظم دستور في العالم !!! وهذا يعني أنه أحسن من دستور أوروبا وأمريكا !!!
فمثل هذه التفاهات التي يتفوه بها الكثيرون ومنهم قادة هي التي مع الأسف أخرتنا وتؤخرنا لأن إدعاء المعرفة أسوأ من الجهل !!!
هكذا أصبحنا نتغنى بالماضي ونعيش على أمجاده وليتنا نعترف بفشلنا وعجزنا عن فعل ما يوازيه . لكي ندفع على الأقل الجيل القادم ونلهمه لتحقيق شئ يذكر، لكن العرب والمسلمون مشغولون بالتقاتل ما بينهم وقهر شعوبهم مع أن لديهم أموال مكدسة في الدول الغربية والشعوب لن تستفيد من تلك الأموال ولو لدعم الموهوبين والعلماء من أبنائهم ، فذهب هؤلاء بعلمهم ومعرفتهم إلى خارج أوطانهم لتقديمها لمجتمعات فتحت أمامهم جميع الإمكانيات لكي يحققوا ويبدعوا، ولو بقوا في أوطانهم لكانوا مثل غيرهم يصارعون من أجل لقمة العيش أو يقبلون بأي شيئ ، وفي النهاية الأمر واحد.
وكأن الشعوب العربية قدرها أن تعيش لتأكل فقط وتحلم بوعود لا زالت تتكرر على مسامعها منذ زمن طويل وهي تدرك أنها لم ولن تتحقق!
وليست كباقي شعوب الأرض التي تأكل لتعيش وتعمل وتنجز وتتقدم وتستفيد وترتاح…