ذكرني أحد الأصدقاء بمقال كتبته في جريدة البيان بتاريخ 1/9/2009 تحت عنوان “دبي الإنجازات ومواكبة التطور” وقال: إنك وعدت القراء بأن للحديث بقية، فأين هي؟؟!!
مما لاشك فيه أننا كلنا نحب مدينتنا ونفخر بها ونغار عليها ولكي تظل دبي تجسد حضارة وتنمية ورقي القرن الواحد والعشرين التي أبهرت الجميع لابد لنا من الوقوف عند بعض النقاط التي تحدثت عنها سابقـاً. نعم والحمد لله مشروع مترو دبي بدأ استخدامه جزئياً وسوف ينتهي العمل بالجزء الباقي قريباً بإذن الله وبتكلفة كما يقال تزيد عن التكلفة الأصلية بحوالي ثلاثة أضعاف، وكذلك صرفت الملايين لشراء الباصات الممتازة من فئة الخمس نجوم مكيفة ومجهزة بأحدث الوسائل وكأنها ليست لإستخدام الفئات ذوي الدخل المحدود، إنما لأصحاب المعالي والسعادة، حتى أصبح ركاب السيارات الفخمة يحسدون مستخدميها، فهي تجوب شوارع المدينة وعدد ركابها لا يتجاوز 10% من سعتها.
كما تمت توسعة الشوارع وإنشاء مزيد من الأنفاق والجسور وبتكلفة باهضة، فالتجديد والتحديث ضروري وصحي لأي قطاع من القطاعات، فدبي إذاً بهذه البنية التحتية تتفوق على كثير من المدن الراقية والمتقدمة. مع ذلك فحركة السير والمرور فيها لا تزال تشكل مشكلة أن لم تكن قد تفاقمت ولا تتناسب مع البنية التحتية المتطورة، ولم تحلها المبالغ الطائلة التي صرفت، حتى أصبح الواحد منا وهو يقود سيارته يشعر بأنه في مدينة من مدن دول العالم الثالث من كثرة الإزدحام ومشاكل حركة السير والمرور لماذا؟؟
يقود سيارته يشعر بأنه في مدينة من مدن دول العالم الثالث من كثرة الإزدحام ومشاكل حركة السير والمرور لماذا؟؟ إن حل مشكلة السير والمرور لا يأتي بالصرف المبالغ فيه أو بشراء أفخم الباصات وبناء الطرق والجسور، وإن كان لابد من كل تلك المصروفات فيجب أن تحل المشكلة أولاً، لأن صرف المال في الأساس يجب أن يكون لخدمة الإنسان، ويجب أن يكون الهدف منه تنمية المجتمع وليس إلحاق الضرر به وخلق مشكلة أخرى. فنحن إذاً بحاجة إلى الضبط والربط، ولابد للمسؤولين عن خدمات المدينة من جلسة هادئه للحوار، وسماع آراء وأفكار فئات مختلفة من سكان المدينة كما يحدث في المدن المتحضرة، للوصول إلى معرفة الأسباب وإيجاد حلول للمشكلة، وتكرار هذه الإجتماعات بشكل دوري، على الأقل كل ثلاثة أشهر، لأن المشكلة في تفاقم و أصبحت تشكل خطراً اقتصادياً وبيئياً على المدينة وسكانها. وما يزيدها هو تواجد عشرات الباصات الواقفة دون عمل في أماكن مختلفة إضافة إلى كثرتها في الشوارع التي تجوبها وتخلق ازدحاماً لا مبرر له مع أن تواجدها في الأصل للتقليل من الإزدحام والسبب سوء تصرف سائقيها بالرغم من الإعلانات والدعاية عن كيفية وأسلوب السواقة، إنما بلغة لا يعرفها هؤلاء السائقين وأغلبهم لا يعرف القراءة حتى لو كتبت بلغتهم هذا بالإضافة إلى أغلب سائقي السيارات الخاصة و الأجرة الغير ملمين بثقافة السواقة والغير عابئين بالغرامات والمخالفات والجزاءات لأنها كما يبدو ليست صارمة كما ينبغي، فإذا استمر الحال على ماهو عليه فسلام على مستقبل مدينتنا التي كانت مضرباً للأمثال. لذا لابد أن تكون البداية بإيجاد وسيلة لتقليل عدد الباصات الغير مستخدمة، وتقليل عدد السيارات الخاصة، بفرض ضرائب عليها وفرض جزاءات صارمة على سائقي سيارات الأجرة، وتعليمهم ثقافة السواقة من خلال دورات تدريب وتأهيل، وبأسلوب مبتكر جديد وحديث، والأفضل أن يطبق ذلك على مستوى الدولة لإجبار السائقين على الإلتزام بالقوانين والأنظمة، وكذلك زيادة عدد أفراد شرطة المرور على الشوارع الرئيسية بدراجات نارية بدل من السيارات التي يصعب عليها الوصول إلى موقع الحادث، وبذلك نعمل على تخفيف وتقليل حجم الإنفاق وتوفير الوقت وتسهيل حركة التنقل داخل المدينة، كما يجب القيام بحملة واسعة وقوية لمساعدة شرطة المرور وذلك باختيار أشخاص محل ثقة و إعطائهم صلاحيات سلطة الضبط القضائية لمخالفة السائقين، كما فعلت البلدية قبل أعوام حيث طبقت مخالفات وغرامات على أصحاب السيارات الذين يلقون المخلفات من سياراتهم واستطاعت أن تحافظ على نظافة المدينة إلى أن أقتنع الكل بالنظام، فإذا أردنا مدينة نموذجية علينا متابعة كل أمورها والتعرف عليها على أرض الواقع.
فلنعمل على أن تبقى دبي في مقدمة المدن العربية كما تم تصنيفها في تقرير MERCER ولنسعى إلى أن تكون في مقدمة مدن العالم إلى جانب زيورخ وفيينا.