تلقيت عدداً من الرسائل عبر البريد الإلكتروني تتحدث عن فتاوى غريبة صَدرت مؤخراً من هنا وهناك ، ومن بينها فتوى تُحَرم السفر إلى دبي لتفشي المنكرات فيها ، و بأن زيارتها حرام شرعاً .
إعتقدت أن الأمر مجرد نكتة ، لكن أكد لي أحد الأصدقاء بأنه صحيح ، لكنه لا يستحق حتى القرائة ، لأن الأمر زاد عن حده ، فكل يوم يطلع علينا من يَدَعُون بأنهم دُعَاة وعُلماء دين بفتاوي لا تمت إلى الدين بصلة ، يَسْتَحِلون فيها ما يتوافق مع مصالحهم و يُحَرمُون ما يُعارضها بحثاً عن الشهرة ليس إلا ، لأن الذين وصلوا بِعلمهم و اجتهادهم إلى درجة تؤهلهم إلى إصدار فتاوي ، فإنهم يراعون الله وضمائرهم ويركزون إهتمامهم قبل ذلك على نشر رسالة الإسلام السامية ألا وهي الموعظة الحسنة و على تقوية التواصل الثقافي و الإجتماعي بين المسلمين ، لا أن يكون هدفهم إيقاع الأمة و الدول الإسلامية في حالة من التوتر و إعطاء فرصة لخلق مشاكل لا قدر الله.
ولأن الأمر يتعلق بدبي ، دبي التي يصبح فيها الحلم واقعاً ، فإن الأمر يستحق وقفة ليس للرد على فتاوى مغرضة و مصطنعة للتجني على ما وصلت إليه دبي ، لأن تلك الفتاوي لا تستحق الرد .
فدبي تُدافع عن نفسها بإنجازاتها التي سبقت بها مدناً كثيرة و تفوقت عليها ، باعتبارها الوجهة السياحية المفضلة لجميع الجنسيات ، و بالأمن والأمان والإستقرار الذي ينعم به كل مقيم و زائر لأرض الإمارات ، وبكرم وحسن إستقبال أهلها لزوارها بمختلف أهوائهم و هواياتهم ولا يسألونهم عن نواياهم لأن من يريد أن يفعل منكراً يفعله في أقدس المدن ، وهذا لا يعيب المكان إنما يعيب من أقدم على فِعْل المنكر وهو الذي سيحاسب وليس المكان . أما عدد المسلمين المتمسكين بدينهم و بثقافتهم الإسلامية الذين يعيشون في دبي أو يزورونها فهم في ارتفاع مستمر ، لأنهم يجدون فيها كل الإمكانيات و الوسائل التي تحترم و تحافظ على خصوصياتهم ، أما عدد المساجد في دبي مقارنة بعدد السكان و الزائرين فإنه يفوق العدد في أية مدينة خليجية ، وكذلك عدد الأجانب الذين يدخلون الإسلام سنوياً.
رحم الله دعاة و علماء كان لهم تأثير كبير في جميع أنحاء العالم باجتهادهم وعلمهم و حثهم الدائم على التواصل و التسامح لنشر أصول الدين . وبارك الله في دعاة لا زالوا يُضَحون بأنفسهم ويجتهدون في سبيل نصرة الإسلام وإعلاء الحق كما فعلت مؤخراً الأقلية المسلمة في فرنسا عندما طلبت من النيابة العامة ملاحقة زعيمة اليمين المتطرف قضائياً لوصفها المسلمين وهم يؤدون صلاة الجمعة بالإحتلال ، فتقدمت نيابة مدينة ليون الفرنسية بطلب إلى البرلمان الأوروبي الذي رفع الحصانة عنها بتهمة التحريض على الكراهية العنصرية .
أو كما فعل المسلمون في بريطانيا عندما تم تحقيق خطوة لافتة في حقهم حيث تقوم القناة الرابعة البريطانية بإذاعة الأذان طيلة شهر رمضان ، رغم توقع القائمين على القناة التعرض لإنتقادات بسب التركيز على الأقلية المسلمة .
مثل هؤلاء هم من يَجْتهد في سبيل الإسلام لتحقيق مكاسب سياسية وإجتماعية و دينية دون أن يستغلوا القنوات الهابطة أو مواقع التواصل الإجتماعي كما يفعل غيرهم من أجل الشهرة و المصلحة الشخصية .
ألم يكن الأولى أن يَجتهد الذين يَدَّعُون بأنهم دُعاة بِنُصح المسلمين و بالذات العرب الإلتزام بتعاليم دينهم في أية بقعة على وجه الأرض ؟؟
اللهــم إحفــظ دولتنا و مدننــا من المغرضين الدخلاء على الدين و فتاواهم و أفكارهم المريضة.