نعم إن السكوت على الإسائة يعني القبول بها ، وهذا هو وضع الدول الإسلامية ، التي إلى الآن لم تعتمد قرارات أو تتخذ خطوات جادة للحد من التطاول والإسائة التي يتعرض لها الإسلام ممثلاً في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم منذ سنوات.
من جهة أخرى ، إذا قام مسلم بعمل ما في الغرب ، تقوم الدنيا ولا تقعد ويتهم المسلمون جميعاً بالإرهاب ويتعرضون لسوء المعاملة والإضطهاد ، وتهاجمهم و تظهرهم في أبشع الصور وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الصهاينة ، أما إذا تم التطاول على مقدساتنا أو رموزنا الدينية فإن حكوماتهم لا تعارض ولا تدين حتى ، هكذا كان موقفهم من الصحيفة الدنماركية التي أسائت إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وكذلك سُمح مؤخراً لمجموعة من المرتزقة ، مجهولي الهوية ، الباحثين عن الشهرة ، الذين شجعهم سكوتنا على إسائات سابقة إلى إنتاج فيلم لا يستحق حتى الذكر . مع ذلك و بوقاحة قال بعض المسؤولين في أمريكا إنها حرية الرأي و التعبير ، دون أن يبدوا أسفاً أو إعتذاراً لملايين المسلمين الذين يشكلون الجزء الأكبر من سكان العالم . وهكذا تتمادى وسائل الإعلام الموالية للصهيونية والمعادية للإسلام ، فها هي صحيفة فرنسية مغمورة تنشر منذ أيام كاريكاتوراً مسيئاً عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، و كأنها تريد أن تقول للمسلمين ما دمتم لم تحركوا ساكناً فنحن مستمرون في الإسائة ، وقد يجلب لنا ضعفنا أسوأ من ذلك في المستقبل .
إن المسلمين أصبحوا أضحوكة شئنا أم أبينا ، ونحن ساكتون ، متقبلون الإهانة تلو الإهانة ، فما هو السبب يا ترى ؟؟ قبل الإجابة علينا أن نلقي نظرة على نقاط ضعفنا و قوة عدونا ، الصهيونية العالمية ، فالقضية بيننا و بينهم ، لأنهم المحركون الحقيقيون لما يحصل ، وهم وراء كل توجهات الحكومات الأمريكية و الأوروبية ، فمثلاً عندما شكك البعض في المحرقة ، قامت أمريكا و أوروبا و وسائل إعلامهما بالتنديد و الإستنكار ، و إتهمت من قالوا ذلك ، بالا إنسانية ومعاداة السامية ، أما ما يحصل للمسلمين وما يتعرضوا له من إهانات ، فيدخل في خانة حرية الرأي و التعبير سواءاً بتشجيع منهم ، أو بغض النظر و السماح بنشرها مرات ومرات .
أقَـوْل رأي يحتاج إلى تنديد و إستنكار ، ونشر إهانات و المساس بمقدسات يعتبر حرية ؟؟؟؟
لكن لِمَ نستغرب ؟؟ فقتل الفلسطينيين و الإعتداء على من يناصرهم أمر لا يستحق أي شيء ، حتى التنديد أو التغطية المناسبة في وسائل إعلامهم ، كما حصل للناشطة الأمريكية ، راشيل كوري ، التي قتلت بجرافة إسرائيلية في قطاع غزة ، ولم تطالب أمريكا بحقها ، لأنها قُتِلت في إسرائيل والحكومة الأمريكية المتعاقبة تحمي إسرائيل في السراء و الضراء ، ولو حدث ذلك في دولة عربية أو إسلامية ، لقامت كل أمريكا ومن ورائها أوروبا باحتلال تلك الدولة ، لماذا؟؟ لأنها تنظر إلى الشعوب العربية على أنها شعوب نائمة ، مغلوبة على أمرها ، إما تقودها حكومات تابعة لهم ، أو حكومات تضطهدهم أو تسجن كل من تجرأ و أبدى رأية ، أو حكومات غارقة في السرقة و الفساد و المصلحة الذاتية. هذه كانت نظرتها للشعوب العربية إلى أن انطلق الربيع العربي الذي قد يغير بعض الشيء ، لكن الأمر يحتاج إلى سنوات لكي يعاملوننا بكرامة و إنسانية ، و ينظروا إلينا بتقدير و إعجاب .
أما باقي الدول الإسلامية سواء في آسيا أو أفريقيا ، فليست بأحسن من الدول العربية ، بل إن بعض الشعوب لم تترك لها حكوماتها المستبدة من الإسلام إلا الإسم و الشكل .
وما حصل مؤخراً في بعض الدول العربية من إعتداء على السفارات الأمريكية ، فلا أعتقد أن أي مسلم يؤيد ذلك ، لكن هذه التحركات جاءت كرد فعل عفوي لما تعرض ويتعرض له الإسلام و المسلمون منذ مئات السنين ، بدءاً بالقضاء على المسلمين في الأندلس و التآمر على الخلافة العثمانية ، مروراً باستعمار الدول العربية و الإسلامية و تقسيمها إلى دويلات ، وزرع حكومات شكلية تابعة لهم ، والشعوب ساكتة على كل إسائاتهم منذ ذلك الحين إلى أن وصلوا إلى التطاول على نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولا زالت ردود فعل العرب و المسلمين خجولة لم ترتقي إلى الآن إلى قرارات موحدة ، أو مقاطعة إقتصادية ، أو إجراءات صارمة فإذا كان الأمر لا يستحق ذلك اليوم ، فمتى يستحق ؟؟
عندما حرق المسجد الأقصى قالت رئيسة الوزراء الإسرائيلية “جولدا مائير” :
( لم أنم ليلتها و أنا أتخيل العرب سيدخلون أفواجاً من كل صوب ، لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء ، أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه “أمة نائمة”).