قبل أيام زرت مدينة روما ومنها توجهنا إلى مدينة روتردام ثاني أكبر مدينة في هولندا بعد أمستردام. جائت زيارتنا بتوجيهات كريمة من سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم لإفتتاح أكبر مسجد في روتردام وقد يكون الأكبر في هولندا والذي قامت بتنفيذه هيئة آل مكتوم الخيرية، هذه الهيئة الخيرية التي سوف تحتفل مع نهاية هذا العام بمرور عشرين سنة على إنشائها، عشرون سنة من العطاء المتواصل لتنفيذ رؤية دولة الإمارات بأن تسهم أياد الخير في تقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية محلياً وإقليمياً ودولياً ولترسيخ رسالة العمل الخيري والإنساني التي أرسى معالمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. واستمرت على نفس النهج هيئة آل مكتوم الخيرية، بالإنفاق في سبيل الله دون ضجة أو صخب إعلامي، وتفاعلت مع الفقراء والمحتاجين في شتى بقاع العالم، وسعت إلى تلبية إحتياجاتهم وتقديم الخدمات والرعاية لهم، وحرصت أن تكون أعمالها خالصة لوجه الله.
ورجوعاً إلى المسجد الذي تم افتتاحه ويتكون من ثلاثة أدوار ويتسع إلى ما بين 2500 و 3000 مصلي، مصلى للرجال وآخر للنساء ومكتبة ومدرسة لتعليم القرآن للاطفال وكانت هيئة آل مكتوم إفتتحت بصورة أولية عام 2010 المركز الإسلامي في مدينة روتردام والهدف منه مد جسور التواصل الثقافي والحضاري مع الغرب وخدمة مسلمي هولندا والجاليات العربية والإسلامية التي تصل إلى حوالي مليون ومئة ألف من أصل حوالي سبعة عشر مليون من سكان هولندا.
المسجد يستقبل أعداداً من المسلمين لأداء الصلاة من المدينة وأطرافها، إمام المسجد هولندي من أصل مغربي، أما إدارة المركز فالمسؤول عنها من أصل هولندي دخل الإسلام منذ عشرين سنة هو وزوجته ويبلغ من العمر الآن أربعين سنة، تابعنا خلال زيارتنا أطفالاً دون العاشرة أولاد وبنات يتلون آيات من القرآن بصوت واحد ونغمة معبرة أثرت في الحضور ويعجز عن ترتيله بهذا الأسلوب الكبار حتى أدمعت عيون الحضور وهؤلاء هم الجيل القادم من المسلمين في هولاندا وأوربا.
وتقام في شهر رمضان يوميا ًموائد إفطار جماعية للمصلين الذين أغلبهم كما قيل لنا من أصول مغربية وتركية.
إن بناء هذا المسجد لم يكن سهلاً بل إن فريق العمل القائم على تنفيذه واجه الكثير من العقبات والمشاكل حيث استمر بناؤه اكثر من عشر سنوات بدأت عام 2001 وقام فريق العمل بحوالي 20 زيارة الى هولندا، والكل يدرك خلال هذه السنوات ما تعرض له المسلمون في الدول الغربية من مشاكل لا حصر لها وانتشار موجة الكراهية ضدهم ومواجهتهم لهجمات شرسة كادت أن تؤدي إلى إيقاف بناء المسجد لولا سعة صدر فريق العمل، لذا لم يكن من السهل العمل في هذه الأجواء خاصة وكما قيل لي أنه خلال هذه الفترة مر على المدينة أربع عمداء والعمدة الحالي هو أحمد أبو طالب من أصل مغربي.
من هنا لابد وأن أقول: لو كان كل منا يؤدي دوره لخدمة الإسلام والمسلمين لاستطعنا تغيير نظرة العالم إلينا.
جزاك الله خيرا ً بو راشد فأعمالك الخيرية تتحدث عنك في كل القارات في أمريكا وأوربا وأفريقيا وآسيا وأستراليا ونيوزيلندا.
وما أهدافك النبيلة لتسخير جميع الأمكانيات لخدمة المسلمين أفراداً ومجتمعات في جميع بقاع العالم إلا دليل على شعورك المرهف للتخفيف من معاناتهم والعمل على ما فيه خير للإنسان والرحمة به إبتغاء مرضاة الله كما أمر ديننا الحنيف فدمت جسراً للعطاء ونصيراً للمحتاجين والمنكوبين.
وأخيراً لابد أن أشيد بدور فريق العمل لهيئة آل مكتوم الخيرية برئاسة الأخ ميرزا الصايغ.