لا حديث هذه الأيام إلا عن غزة، أرض الكرامة والعزة، سواءً كان الكلام عن تأييد بطولة أبنائها والتعاطف معهم أو معارضتهم في كل من أوربا وأمريكا الشمالية والجنوبية، ومظاهرات مؤيدة هنا وهناك، أما وسائل إعلامهم التي كانت طوال السنوات الماضية ومنذ ميلاد الكيان مؤيدة ومدافعة عنه. صحى ضميرها الآن وأدرك بعض العاملين فيها أن هناك وجهة نظر أخرى يجب الأخذ بها وهي مغايرة تماماً لما عرفوه منذ سنوات وهذا بحد ذاته نقلة نوعية، جائت نتيجة التضحيات الكبيرة ودماء الشهداء وارتكاب العدو الصهيوني جرائم تلو الجرائم بقتل الأبرياء من الأطفال والنساء وهدم المدارس والمستشفيات.
إن الشعب الفلسطيني في غزة ضرب مثلاً لكل الفلسطينيين والعرب على روح القتال والتضحية ووضع بدمائه القدم على أول سلم الحرية لإنشاء دولة فلسطينية بإذن الله. وهذه التضحيات قد توقظ كذلك ضمائر الحكومات الظالمة التي أنشأت ودعمت هذا الكيان المغتصب المتعصب ليكون شوكة في قلب العرب والمسلمين، فحصل على كل الإمكانيات لضرب العرب وإضعافهم وبالذات الدول المجاورة. ولدت إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني لكن الأسوأ من ذلك أن تدعمها بشكل مباشر أو غير مباشر دول عربية وبعض الفلسطينيين أصحاب المصالح الخاصة، وتمولها صراحة وعلنا دول تدّعي أنها حامية الحريات والديمقراطية، وأنها تدافع عن إرادة الشعوب وحقوق الإنسان.
ولدت إسرائيل قبل حوالي 70 سنة دون مقاومة فعلية تذكر من جانب الحكومات العربية سوى الكلام المنمق والجملة الشهيرة التي تم ترديدها،
(سوف نرد في الوقت المناسب!!!)
إلى أن ولدت مجموعة من الأطفال الشجعان من رحم الظلم والمعاناة من رجال ونساء وأطفال قدموا أرواحهم دفاعاً عن أرضهم ووطنهم لترضخ إسرائيل أمام تضحياتهم العظيمة، وليدرك الجميع أن إنشاء دولة فلسطينية على أرض اغتُصِبَت لن يأتي إلا بهذا الأسلوب رغم أنف إسرائيل والدول الداعمة لها.
إن الدولة الإسلامية أصبحت أقوى دولة في التاريخ بالتضحية والاستشهاد وبفضل أوائل المسلمين الذين لم يكنّوا أو يستريحوا رغم عدّتهم القليلة، بل قاتلوا في سبيل الله ودافعوا بأموالهم وأنفسهم لنصرة الإسلام، لأنهم أدركوا أن الحياة للأقوياء، وأن الدفاع عن الحق هو السبيل الوحيد للحرية. يقال: “إن الضربة التي لا تقتل تقوّي” وأهالي غزة يقولون إن الضربة التي تقتل تقوّي يستشهد ألف ليولد ألفين بروح جديدة روح المقاومة والاستعداد للاستشهاد في سبيل الحرية والكرامة.
يا أبناء غزة عليكم الإعتماد على أنفسكم إلى أن يتم الإعتراف بحقوقكم، فصمودكم وتضحياتكم هي التي سوف تجعل العدو يرضخ لمطالبكم العادلة ويعترف بفشله.
بالإرادة يتحقق النصر الذي يأتي قبل كل شيء،،، هكذا علمنا التاريخ..