عام مضى وعام جديد حل ، هكذا تعودت البشرية منذ بدئ التسجيل الرقمي للأعوام.
كان عام 2011 إستثنائياً للعرب والعالم ، سُجـل في هذا العام لأول مرة في التاريخ إسم الربيع العربي و كشف مابقي طي الكتمان وما سُكِـت عنه لسنين طويلة ، بعد أن قامت الشعوب في عدد من الدول العربية بالثورة على حكام فاسدين ومسيطرين على الحكم منذ سنين طويلة ، وبعد كل المعاناة والتحمل خرجت الشعوب عن صمتها وسكوتها وفضحت من كانوا يعتقدون أنه يمكن التستر على أفعالهم وأن نفوذهم لا حدود له ، وأنهم مُنَزهون عن المسائلة والتحقيق ، فوقع ما لم يتوقعوه يوماً وما لم يخطر ببال أكثر المتفائلين.
وبداية التحدي كانت من تونس مع بداية عام 2011 والفضل يرجع إلى شاب ذاق مرارة العيش ولم يعد يتحمل أفعال الفاسدين فلم يجد أمامه إلا حرق نفسه ، ولم يخذله الشعب التونسي فتحرك ضد الفساد ورفع شعار فليسقط النظام الظالم والطاغية ولم يستلزم ذلك وقتاً طويلاً ، فهرب الظالم وعائلته خارج تونس ولازال الشعب التونسي يطالب باسترجاعه ومحاكمته رغم التخلص منه.
ثم جاء دور مصر قلب الأمة العربية النابض ، وتحرك شبابها واستخدموا أحدث الوسائل وأسرعها لتنظيم ثورتهم ، وبفضل الشبكة العنكبوتية كانت الإنطلاقة وقامت مصر برجالها ونسائها ، شبابها وشيوخها وهزت كيان رئيسها الذي كان مدعوماً من كل قوى الظلام شرقاً وغرباً لأكثر من 30 سنة فلعب بمصير شعبه وبالأمة العربية وقضاياها وفوق كل هذا هرَّب ومن حوله المليارات إلى الخارج و أغلبية الشعب يعاني الحاجة والفقر مع أن مصر غنية بالرجال الشرفاء والإمكانيات. فسقط النظام ومن معه ولا زالت المحاكمات مستمرة ، ثم جاء الدور على النظام الليبي وكانت نهاية معمر القذافي وبعض أولاده وسجن بعضهم وهرب بعضهم ، وجائت النهاية بشكل لم يذكره التاريخ من قبل.
هكذا أسدِل الستار على عام 2011 والثورات العربية التي انطلقت منذ بدايته لا زالت مستمرة في دول عربية أخرى ، ولا أحد يتوقع كيف ستنتهي. أما في عام 2012 فالكل يحلم بعام جديد يحمل آمالاً جميلة للدول العربية وللأمة ويحقق الأهداف والطموحات التي قامت من أجلها الثورات. والكل يتمنى أن تكون الإنتخابات التي جرت في بعض الدول العربية والتي أوصلت الإسلاميين إلى الحكم بعد أن كان دخولهم إلى العملية السياسية منذ فترة بسيطة مستحيلاً ، فاتحة خير على الشعوب ، و أن تكون مناصب المسؤولين الجدد وسيلة لإحداث نقلة نوعية ودفع عجلة الإصلاح وتحقيق مطالب الشعوب وليست هدفاً لتمرير مشروع ما.
والأهم من ذلك توحيد الرؤية لتحقيق إنجازات سياسية واجتماعية وإقتصادية من أجل إنجاح المشروع الديمقراطي الذي من أجله قامت الثورات.
رحمة الله على الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءاً للوطن ، ونتمنى أن تنعم كل الشعوب وأهلهم و أصدقائهم بالحرية التي ضحوا من أجلها.
وما علينا إلا أن ننتظر حتى تتضح الرؤية فالزمن تغير والشعوب بعد أن تحركت لا يمكنها أن تسكت مجدداً او ترجع إلى الوراء وكل عام و أنتم بخير.