هل بدأ عصر الحريات وعصر حكم الشعوب في الدول العربية؟؟ بدءاً بأحداث وثورة الشباب في تونس، مروراً بثورة الشباب والشعب بمختلف فِئآته في مصر، وبما أن شرارة البداية قد انطلقت من تونس وانتقلت إلى مصر، فربما هذا يعني أنها مستمرة إلى أن تنتهي في مكان ما. وهل هذه هي بداية النهضة العربية وهذا القرن قرن نهضة الشعوب العربية لإختيار حكوماتها بحرية وديمقراطية؟؟ وهل بهاتين الثورتين اللتان لم يكن يتوقعهما حتى أكثر المتفائلين في الأحزاب المعارضة أو المستائة من الحكومات، غيرت إرادة شعب تونس ومصر التاريخ ودخلا عهداً جديداً لا يخافون فيه أحداً وأصبحوا يعبرون بجرأة عن احتياجاتهم وسوف يختارون بحرية من يمثلهم ويلبي متطلباتهم؟؟ بعد أن تردد في بعض وسائل الإعلام أنه من غير الممكن أن يرشح أحد نفسه للرئاسة خاصة في مصر دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية وعدم اعتراض إسرائيل؟؟ لكن ذلك الزمن قد ولى فالشعوب التي ذاقت الذل والهوان وعاشت المعاناة نهضت في هذا القرن لتعيش بحرية وكرامة. كما نهضت شعوب أوروبا في القرن السابع عشر، حيث بدأ عصر الحريات آنذاك مع بداية الثورة الفرنسية، وبعد ذلك انتقلت إلى كل أنحاء أوروبا وعرفت كل من الشعوب والقائمين على الحكم حينها قدراتهم وإمكانياتهم فحققوا الأهداف التي قامت من أجلها الثورة. وكانت أسباب الثورة الفرنسية عديدة أهمها الظلم والإستبداد والفساد فالشعوب في كل زمان ومكان تتحمل الكثير، لكنها عندما تنهض تفرض التغيير والإصلاح ولا ترحم بعد ذلك من يستهين بقدراتها أو يضيع حقوقها. فهل ما جرى في تونس ومصر هو البداية؟؟ خاصة وأن مصر هي القلب النابض للأمة العربية وعندما يكون القلب سليماً وقوياً يستقوي الجسد كله.
إن أدوات الثورة في عصرنا الحالي أوفر وأسهل مما كانت عليه عند اندلاع الثورة في أوروبا في القرن السابع عشر، حيث أن التطور التكنولوجي ساعد على توفير المعلومات بشكل صحيح ومكتمل فوسائل الإتصال والتواصل بين الشعوب أصبحت أسرع، كما أن الفضائيات تنقل الأخبار والمظاهرات مباشرة عبر كل دول العالم وهذا وغيره لم يكن متوفراً فيما مضى، ولم تكن الشعوب تحلم بمثل هذه الأدوات أو بهذا التكامل المعرفي المتوفر الآن والذي يربط العالم ببعضه في ثوان، وخير دليل خروج المظاهرات في كل أنحاء العالم تأييداً للثورة التونسية والمصرية.
فإذا كانت الثورة في تونس بداية تحرك الشعوب العربية وجرأة غير مسبوقه لها، فإن الثورة في مصر هزت كل الكيانات العربية وغيرت مفاهيم كثيرة عن الشعوب العربية ومكانتها في العالم وبين الشعوب الأخرى، رغم محاولة بعض المتشائمين التقليل من ثورة هؤلاء الشباب وإخراجها عن واقعها وحقيقتها، حيث ردد البعض أن الثمانية مليون متظاهر من الشعب المصري لن يغير شيئاً فهؤلاء لا يعبرون عن عدد السكان الذين هم حوالي 80 مليون!!! ورداً على هذه المقولة قرأت في إحدى الصحف الأمريكية، أن الوضع في أمريكا تغير جذرياً، وكان وراء ذلك التغيير 200 ألف أمريكي من أصل 200 مليون نسمة، عندما خرج مارتن لوثر كنج يطالب بحقوق السود في أمريكا، واستطاع هذا العدد القليل فرض رأيه وتحقيق آمال ومطالب السود بالقضاء على التفرقة العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية.
إن الشعبين، التونسي والمصري استلما زمام المبادرة وهم في طريقهم بإذن الله إلى فرض كلمتهم وتحقيق الحرية والعدالة الإجتماعية والقضاء على الفساد ومحاكمة المفسدين والتخلص من حكم الفرد الواحد ومن الدكتاتورية والعيش بكرامة، فالساعة لن ترجع إلى الوراء وهذه البداية فقط، والشعب المصري ليس أقل من الشعب التركي الذي عندما اختار الحزب والحكومة التي تحكمه أظهر قوته بشجاعة وثقة أمام أصدقائه وأعدائه.
يقال: أن ماري أنطوانيت ملكة فرنسا سألت عندما رأت جموع الشعب المحتشدة أمام قصرها: لم هؤلاء هنا وماذا يريدون؟؟ فقيل لها: هؤلاء جائعون لا يجدون خبزاً، فردت بجملتها الشهيرة (فليأكلوا بسكويت)!! هذا فيما مضى وفي عصرنا الحالي فالرئيس التونسي الأسبق بن علي لم يجد رداً على ثورة الشباب غير: الآن فهمتكم!! أما حسني مبارك فلقد فهم متأخراً وفي الوقت الضائع!!! فمتى يا ترى تفهم باقي الحكومات العربية مطالب شعوبها؟؟!!!