مختصر الورقة التي قدمها سعادة قاسم سلطان في مؤتمر العمل البلدي السابع من 24 الى 26 ابريل 2012 ضمن فعاليات المؤتمر البلدي السابع تم تكريم سعادة قاسم سلطان
يطيب لي في البداية أن أتقدم بالشكر والتقدير للقائمين على هذا المؤتمر. و أنا سعيد بالمشاركة في بلدي الثاني البحرين حيث لي ذكريات شخصية في هذا البلد الجميل خاصة مدينة المنامة ، وذلك حين زرتها في منتصف الخمسينات وكانت هذه الزيارة الأولى لي خارج الوطن واندهشت حينها عندما رأيت طرقها المعبدة وخدمات الماء والكهرباء في بيوتها واعتقد أن مسيرة البناء والتطور بدأت في البحرين قبل أغلب المدن الخليجية.
الأخوة الحضور ، حققت البلديات على مر الزمن انجازات كبيرة في حياة الأمم والشعوب ، وعبر العصور كانت البلدية المؤسسة الرئيسية التي ترعى مصالح المواطنين وتلبي إحتياجاتهم ومتطلباتهم. وغالباً ما يتم إختيار رئيس البلدية بانتخابات شعبية والذي يعمل في هذا المجال يتفانى في خدمة وبناء مجتمعه ودفع عجلة التنمية إلى الأمام لأن نجاحه في العمل البلدي يُمَكِنه من تطوير مهاراته القيادية وإحداث تغيير مما أهَـلهُم في بعض الدول إلى تولي مراكز قيادية وعلى رأسها رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية والأمثلة كثيرة أذكر بعضها لكي لا أطيل عليكم. في فرنسا كان جاك شيراك رئيساً لبلدية باريس ثم أصبح بالإنتخاب الشعبي رئيس لجمهورية فرنسا ولفترتين متتاليتين حسب ما يسمح به القانون الفرنسي ويعد من أقوى الرؤساء بعد شارل ديغول. وفي تركيا كان رجب طيب أردوغان رئيساً لبلدية اسطنبول ، وحالياً هو أقوى رئيس وزراء في تركيا منذ عشرات السنين وفي عهده أصبح يضرب المثل بمواقف تركيا السياسية وبقوة اقتصادها. وفي إيران فلقد كان أحمدي نجاد رئيساً لبلدية طهران وانتُخِبَ بعد ذلك رئيساً لجمهورية إيران الإسلامية ، فجهود هؤلاء وغيرهم وتفانيهم في أداء واجبهم خلال عملهم البلدي مكنتهم من تحقيق إنجازات أهلتهم إلى ما أصبحوا عليه فيما بعد.
وفي وطننا العربي أيضاً هناك رؤساء بلديات أصبحوا رؤساء حكومات اخترت من بينهم الأخ الصديق عبدالرؤوف الروابدة الذي كان رئيساً لبلدية عَمَّـان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية وعندما تولى الحكم جلالة الملك عبدالله الثاني اختاره رئيساً للحكومة.
وفي دول الخليج أصبح رئيس بلدية الكويت عبدالعزيز يوسف العدساني أميناً عاماً لمنظمة المدن العربية ، و أصبح الشيخ عبدالله علي النعيم أمين الرياض رئيساً للمعهد العربي لإنماء المدن ، وهذا دليل أكيد على ما حققوه خلال عملهم البلدي في الكويت والرياض.
ولاشك أن البلديات في الدول الخليجية خطت خطوات سريعة ومتقدمة نحو التطور والبناء والتشييد مقارنة بالبلديات العربية وحققت كذلك إنجازات عديدة فاقت كونها مؤسسات حكومية. لكن حالياً يجب أن لا تتوقف الطموحات عند حد معين فالمواطن الخليجي في هذا القرن السريع الإيقاع في كل المجالات يتوقع الأكثر ، و للحفاظ على التميز والريادة علينا تقديم خدمات متطورة ومتميزة تواكب العصر الذي نعيشه ، عصر الإبداع والتقدم عصر المواجهات والإصلاح ، وعلينا توحيد الكلمة والرأي لتأمين الإستقرار خاصة ونحن نواجه تحديات كبيرة تستوجب تكاتف الجهود للتعاطي معها و للحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية ، ولابد من تطوير العمل البلدي والإستفادة من التكنولوجيا وتسخيرها لخدمة المجتمع بمختلف فئآته.
والمرحلة المقبلة تستوجب منا العمل على عدة نقاط أهمها:
1. الإبتعاد عن المركزية في إدارة المدن مع وضع نظام مالي و إداري و رقابي للمتابعة.
2. وضع قانون عام ونظام إداري حديث موحد للبلديات في كل دولة بناءً على المستجدات الحديثة وبشكل يتناسب مع التطور الحاصل في المجتمعات وما يمكن أن يحدث في هذا القرن ، ويتضمن لجنة لتلقي شكاوي المواطنين وحل مشاكلهم.
3. إعطاء الفرصة للمواطنين لاختيار ممثليهم في المجالس البلدية في كل مدينة.
4. انتخاب رؤساء و أعضاء المجالس البلدية لفترتين فقط لا تزيد كل منها عن 4 أو 5 سنوات كحد أقصى وتوسيع المشاركة الشعبية.
5. إعطاء رئيس و أعضاء البلديات الصلاحيات الكاملة لتقديم الأفضل للمدينة وسكانها.
6. رؤساء البلديات يجب أن يتفرغوا للعمل البلدي ولا يحترفوا أي عمل آخر خلال توليهم الرئاسة في هاتين الفترتين.
7. دعم التواصل بين بلديات دول مجلس التعاون وذلك بإنشاء مكتب للتنسيق بينهم.
8. إنشاء معهد متخصص في مدينة خليجية لتدريب وتأهيل كوادر من المواطنين في مجالات العمل البلدي المختلفة ، فالبلديات يجب أن تكون أساس كل أعمالنا لأن دورها فعَّـال و إيجابي لنهضة الدول خصوصاً في مجال الخدمات والبنية الأساسية.
أخيراً إذا أردنا أن نصبح قوة مؤثرة علينا أن نحدد رؤيتنا للحاضر والمستقبل ونواجه التحديات الإقتصادية والسياسة والتنموية كي لا نعيش اضطراباً طويل الأمد ولابد من القيام بإصلاحات واسعة بمشاركة مختلف فئآت المجتمع قبل أن تُـفرَضَ علينا مطالب الإصلاح. كما يجب علينا ترسيخ مفهوم الإتحاد والإنتماء في كل دولنا و إعلاء قيمة الإنسان والحفاظ على كرامته وحقوقه والله الموفق.
يقول حديث شريف “لو تعلقت همة أحدكم بالثريا لنالها”