دبي – دولة الإمارات العربية المتحدة
ابريل 1998
بســـم الله الرحمن الرحيـــم
السادة أصحاب المعالي مديري ومندوبي الدوائر و الإدارات،،،
السيد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دولة الإمارات العربية المتحدة،،،
السادة الحضور،،،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يشرفنا تلبيتكم دعوة بلدية دبي لحضور احتفالها الأول بيوم التراث العالمي ، الذي نأمل أن يكون تقليدا سنويا يضيف برهانا جديدا على صدق سعي الدائرة لتأكيد مفهوم المواطنة الصحيحة ، تلك التي تترافق فيها الإنجازات الحضرية مع المقومات الثقافية.
السادة والسيدات،،،
إن التراث يمثل البرهان الوحيد على أصالة الجماعة الإنسانية في بيئتها المحلية ، إنه مجموع الإنجازات و الخبرات و التطلعات التي يعبر عنها المواطنون من خلال النماذج التي ينتجونها للتعبير عن الأبعاد و المكونات و الإبداعات الثقافية التي تسمي كيانهم و هويتهم.
إن التراث العمراني و المعماري على وجه الخصوص ليشكل حجر الزاوية في تقييم وتقدير حقيقة وأصالة الفكر الإنساني ومدى تفاعله مع المحيط الحيوي ، من أجل تلبية الاحتياجات النفسية و الروحية والاجتماعية لأفراد المجتمع.
إن التقدم و التطور المدني لا تصنعه الطرق المعبدة والحدائق الغناء والتسهيلات و الخدمات فحسب ، بل يصنعه التوافق بين الممارسات المدنية و البلدية المتفوقة ، وبين الصياغة الثقافية لوجدان المجتمع عبر الدلالات التراثية التي تربطه بهويته وتاريخه و أصالته.
لقد أدركت بلدية دبي عبر مسيرة إنجازاتها ضرورة الاهتمام بالحفاظ على التراث العمراني و المعماري، وشرعت منذ الثمانينيات في إنجاز مشاريع واعية وذات مفهوم ودلالة، أكدت استحقاقها للفوز بتقدير العديد من الجهات و المنظمات الإقليمية و الدولية ذات الاهتمام. و لعل قبول عضوية بلدية دبي في المجلس الدولي للآثار و المواقع مؤخرا، يضيف برهانا جديدا على صدق و عمق الممارسة، تلك التي لا تنفصل عن مسعى الدائرة لتحقيق أفضل الممارسات في تخطيط و إدارة و تطوير العمل المدني و الحضري بكافة أشكاله.
إن قائمة إنجازات بلدية دبي في هذا المجال، وبالرغم من قصر عمر التجربة، تتضمن أعمالا ومشاريع كان دوما الوعي و العلم والإصرار إطارها، مما ساعد على تراكم الخبرات الفنية و التنفيذية المتميزة، بحيث صارت نموذجا يحتذى، ومثالا للتقييم و التقدير، وهذه الخبرات صارت مطلباً متكرراً للمساهمة في حفظ الهوية المحلية و الإقليمية، نقدمها تعبيرا عن الهم المشترك و السعي المشترك في تأكيد أصالة وهوية أبناء الخليج و مشاركتهم في بناء و رصد وتوثيق الثقافة الإنسانية.
السادة الحضور،،،
لقد آلت بلدية دبي على نفسها دوماً أن تكون سباقة في استكشاف السبل الكفيلة لتحقيق التطور الحقيقي للحياة المدنية و الحضرية، دافعها في ذلك الرغبة في الاستثمار الأمثل للثروة لحساب الأجيال المقبلة، وسبيلها في ذلك التمسك بأرقى الفلسفات و النظريات و الخبرات التخطيطية و الإدارية، و شعارها لإنجازه تحقيق أفضل الممارسات الحضرية، و الحفاظ على التراث هو الإطار الثقافي الذي يحقق للمدينة العصرية شخصيتها وتميزها، ويحقق لمواطنيها عزتهم وكرامتهم ويؤكد ارتباطهم بها، إنه إحدى صمامات الأمان لتجاوز المشكلات الاجتماعية الخطرة الناشئة عن طفرات النمو المدني وسلبياته يسر التواصل و الاتصال العالمي.
احتفالنا اليوم بيوم التراث العالمي لا يمثل البعد الدولي لممارسات بلدية دبي فحسب، بل يمثل تحديا جديدا لإثبات قدراتنا على المشاركة الفعالة، وعمق مضمون ومفهوم العمل البلدي لدى الدائرة، ذلك الذي يجعلها دوما قادرة على المبادرة بالجديد بعد تجاوزها عوائق ومشكلات التطور المدني السريع.
إن هذا الاحتفال ليس مجرد تكريم لمناسبة محورية في تطور الإنسانية، ولكنه كذلك مقدمة لنشاط أكثر تميزا وفاعلية، تعد له الدائرة بعد أن تراكم لديها الحجم المناسب من الخبرات. هذا الاحتفال تدشين لمرحلة جديدة من برنامج بلدية دبي للحفاظ على التراث، يأتي متجاوزا مرحلة تأسيس أجهزتها المعنية و المختصة، واختبار الأساليب و الفاعليات المناسبة للأداء، مرحلة تتجاوز الأعمال الهندسية و الفنية للحفاظ على التراث، إلى إرساء قواعد وضوابط توظيف عناصره و وإدراج معالمه في المخطط العمراني لإمارة دبي، وذلك استكمالاً لمسيرة الممارسة البلدية المثلى التي نتطلع إليها جميعاً.
السادة الحضور،،،
أكرر شكري لكم للمشاركة في الفعاليات الرمزية لهذا الاحتفال، التي من أن تدعم وتوجه مقترحات و برامج كافة الأجهزة المعنية في الدولة في حفظ تراث دولة الإمارات العربية المتحدة، شعارنا في ذلك مستمد من أصالة الوطن و المواطن، وبقدر أن لا مدينة بغير مواطنة، فلا مواطنة بغير تراث، تراث يلقى الرعاية و الاهتمام، تراث يكون حافزا ونبراساً، تراث يؤكد مضمون الماضي و الحاضر و المستقبل.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته